أحمد عزيز: رواية (البلاط الأسود) تستعرض خبايا (صاحبة الجلالة) وترصد التماهي بين الكلمة والصورة

أحمد عزيز: رواية
أحمد عزيز: رواية (البلاط الأسود) تستعرض خبايا (صاحبة الجلالة

أوضح دكتور أحمد عزيز الناقد الأدبي أن رواية (البلاط الأسود) للكاتب ناصر عراق تستعرض خبايا ( صاحبة الجلالة) وترصد التماهي بين الكلمة والصورة.
وأوضح أن مثال يقدمه لنا الروائي ناصر عراق، في أكثر من ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط وتحكي عما يحدث في بلاط صاحبة الجلالة (الصحافة المصرية) من صراعات واستغلال نفوذ، من خلال استعراض ما يقوم به الصحافي الانتهازي (صالح رشدي) الذي استطاع أن يصعد من أسفل السلم الصحافي والاجتماعي إلى أعلى المراكز، بدعم من السلطات الحاكمة ورجال الأعمال مطيحًا بكل المبادئ، من أجل تحقيق غرائزه، وجشعه للمال والسلطة الذي دفعه إلى إبلاغ أمن الدولة كذبًا وافتراءً بأن خاله المتدين الملتحي عضو بجماعة إرهابية، ما أدى إلى القبض عليه وفشل المحامي في إثبات براءته فحكم عليه بالإعدام ومكافأة له على مد أمن الدولة بالمعلومات تم تعيينه صحافيًا، ليبدأ مشوار الصعود والترقي على حساب زملائه ويزداد نفوذه حتى بعد ثورة يناير (2011) وسقوط نظام مبارك، مستثمرًا ذكاءه في تطوير مؤسسته الصحافية، وفي اعتماد كل سلطة جديدة على مهاراته في الدعاية لها، فمرة مع مبارك ومرة مع الإخوان ومرة مع الثورة على الإخوان (30 يونيو 2013).

مشيًا ان هذا الصحافي الانتهازي قد ارتبط عاطفيًا بزميلته في كلية الإعلام الشاعرة (منال الصياد) وتزوجها لكنها خدعت به، ولم تكتشف مصائبه وأكاذيبه وهوسه بالمال والنساء إلا بعد مرور فترة، ومع ذلك ظلت أسيرة له حتى وقعت الواقعة وظبطته في مكتبه مع سكرتيرته، فأصرت على الطلاق وذهب إلى طيب ليعالجها من الاكتئاب، فأحبها وتزوجها.

أما صالح فقد اغتر به بقوته ونفوذه وتغيرت حياته جذريًا، إثر علاقاته القوية بأكبر الرجال في الدولة وأكثرهم نفوذًا، وتكشف الرواية الصراع المحتدم في عقل البطل وكابداته مع نفسه ومع أكاذيبه وكوابيسه، وكلما صعد نجمه لدى السلطات، طغى وتجبر وازدات علاقاته النسايئة حتى دخل عليه ابن خاله (حذيفة) ذات يوم، وأثبت له أن الكوابيس التي تؤرق مضجعه منذ سنوات، قد حان الوقت لتتحقق، إذ صرخ فيه بأن أباه الذي أبلغ عنه أمن الدولة لم يكن إرهابيًا وأنه المسؤول عن إعدامه بوشايته الكاذبة، وقد حان وقت الحساب، استغل حذيفة قوته الجسمانية فعاجله وهجم عليه بسكين حادة ثم قطع لسانه، وتجمع الصحافيون على صراخ رئيسهم، لكنهم فشلوا في إيقاف نزيف الدم المتدفق من لسانه المقطوع، وسرعان ما انتشرت فضيحة صالح رشدي وصوره وقد لطخ الدم كل ملامحه.

هنا يتضح حسب قول " الباحث " ما قصده المؤلف بالبلاط الأسود، فبلاد صاحبة الجلالة حولته أفعال هذا الصحافي الفاسد إلى بلاط أسود، ولأن أحداث الرواية تمتد لأكثر من اثنين وعشرين عامًا (1991- 2013)، وكلها مليئة بالأحداث الجسام سواء على مستوى أبطال الرواية، أو على مستوى الوطن بأكمله، فقد كان كاتبنا موفققًا باستلهام بعض تقنيات اللغة السينمائية، لطونها أكثر انفتاحًا على الفنون الأخرى، مما يكسبها بعدًا أكبر في الرؤية والدلالة، فكما تقفز الكاميرا السينمائية إلى قلب الحدث، اعتمد ناصر عراق على الجمل القصيرة والإيقاع السريع والقفز إلى الحدث الدرامي بلا تمهيد، وكانه يحمل كاميرا ويجري بها ليصور الحدث مباشرة، ويقدم أبطاله وهم يتصارعون وينفعلون في إطار حبكة درامية محكمة.