أستاذ قانون دولي: حق الدفاع الشرعي مكفول لمصر في الدفاع عن أمنها المائي اذا لم يتدخل مجلس الأمن والمجتمع الدولي

 صورة لايف

استبعد الدكتور «محمد محمود مهران» الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، عضو الجمعية الأمريكية للقانون الدولي، ما يطرحه البعض علي الساحة السياسية من ضرورة لجوء مصر إلى السيناريو العسكري، وأن تلجأ مصر إلى عملية عسكرية تستهدف تخريب سد النهضة، نظرًا لقدراتها العسكرية الكافية، والتفوق في هذا المجال، ولأن تصرفات إثيوبيا تهدد أمن مصر المائي بما يحق لها استعمال حق الدفاع الشرعي المكفول بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وأشار الدكتور « محمد مهران» إلى أن الدفاع الشرعي حق يقرره القانون الدولي وفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، حيث جعل الميثاق هذا الحق من ُمستثنيات مبدأ حظر استخدام القوّة في العلاقات الدولية، وفقًا لنص الفقرة الرابعة من المادة الثانية من أحكام الميثاق.

واستكمل «مهران» أن نص المادة 51 من الميثاق قرر «أنه ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء - الأمم المتحدة - وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالًا لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورًا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال، فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسئولياته المستمدة من أحكام الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه».

وتابع بذلك يحق لأي دولة أو لمجموعة من الدول بأن تستخدم القوة لصد عدوان مسلح في حال ارتكب ضد سلامة إقليمها أو إستقلالها السياسي، موضحًا أن الدفاع الشرعي يستهدف دفع أو رد خطر الجسيم من قبل المعتدي والعمل على إيقافه لحماية أمن الدولة وحقوقها الأساسية، وأنه يجب أن يكون الدفاع متناسب مع العدوان، ولافتًا إلى أنه يتوقف حين يتمكن مجلس الأمن من اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين، علاوة على أنه يجب أن يكون الدفاع الشرعي هو الطريق الوحيد، وأن يكون هناك تناسب مع أعمال العدوان ولا يتجاوزها، كما يجب أن يكون موجهًا بشكل مباشر ضد مصدر الهجوم المسلح، ولكن بمجرد تدخل مجلس الأمن يمكن وقف الهجوم وحل النزاع.

وأكد «مهران» أنه يجب أن تكون هناك ضرورة ملحة لللجوء إلى حق الدفاع الشرعي بحيث لا تترك للدولة الحرية في اختيار وسيلة الدفاع أو التدبر في الأمر، بمعنى انه لا يكون أمام الدولة للحفاظ على أمنها ثمة وسيلة أخرى لصد العدوان غير استخدام القوة المسلحة، فإن وجدت طريقة أخرى يمكن للدولة رد العدوان بها غير القوة المسلحة، وإذا استخدمت هذه القوة فلا يكون فعل الدفاع الشرعي مباح، وإنما يعتبر عدوانًا مارسته الدولة، وشرط الضرورة يتم تقديره أو لزوم أعمال الدفاع يعتمد على عوامل كثيرة ومهمة منها حجم الضرر الناجم عن هذه الأعمال العدوانية ومدى جسامة وخطورة أعمال الهجوم وما يملكه الطرف الآخر من وسائل تدميرية وما يتوقع ارتكابه من أعمال عدوانية أخرى.

وأضاف «أستاذ القانون الدولي» أن هذا السيناريو لن تلجأ إليه مصر في الوقت الراهن، لأن هناك سيناريوهات أخرى قد تأتي بحل للأزمة، ونظرًا لسياسة مصر الخارجية التي تؤكد على أنها ليست دولة عدوان، علاوة على أن الآثار التي ستنتج عن هذا السيناريو لا يمكن تداركها وستضر بالجميع، وسيكون له آثار سلبيه كبيرة خاصة الإضرار الاقتصادية وغلاء الأسعار بالإضافة إلى الضغوطات والانتقادات التي قد تتعرض لها مصر من المجتمع الدولي، وذلك لرفض فكرة الحرب في القانون الدولي الذي يفرض على الدول تسوية النزاعات بالوسائل السلمية، إلا أن الوضع قد يتغير في اي لحظة وتطرح كافة السيناريوهات نتيجة تصرفات إثيوبيا الغير مسئوله ولأن أفعالها تمثل حصار وعدوان على مصر.

وأكد أستاذ القانون أن الدولة اتخذت كافة التدابير الاحتياطية لزيادة الموارد المائية، وحتى لا يشعر المواطن بأي ضرر وخاصة أن حصة نهر النيل أصبحت لا تكفى احتياجتنا المائية مع التزايد الكبير في النمو السكاني، ومشيرًا إلى عدم وجود أضرار حتى الآن وفقا لخبراء المياه وأن الأمور مستقرة، لكنه أشار لوجود خطر أكيد يهدد مصر يستحق التحرك بشكل عاجل، وأنه لن يقبل أي مصري شريف بالمساس بحقوقنا المائية المكتسبة.

كما نوه إلى أن مصر لجأت للطريق التفاوضي، ليس ضعفًا، ومشددًا على أن مصر ترغب في حل النزاع بالوسائل السلمية، ولا تبتغي سوى تنفيذ إثيوبيا قواعد ومبادئ القانون الدولي واحترام اعلان المبادئ، ومشيرًا إلى أن مصر تتخذ كل السبل الممكنة من أجل حل الأزمة وديًا، وموضحًا أنها لم تتخذ طريق مجلس الأمن فقط، وأن هناك وسائل أخرى للضغط على أديس أبابا، وليكون لمصر مبرر قانوني لأي تصرف قد يصدر منها لحماية أمنها المائى إذا تخلى عنها مجلس الأمن، واضطرت إلى أن تلجأ لأي سيناريو أخر، ولافتًا إلى أن هناك تحركات دولية لحل الأزمة للحفاظ على الحقوق المائية للجميع، ولحفط الأمن والسلم الدوليين بالمنطقة.