< مفاوضات الحياة..مصير سكان غزة يقع على عاتق خليل الحية
 صورة لايف
رئيس التحرير

مفاوضات الحياة..مصير سكان غزة يقع على عاتق خليل الحية

مفاوضات الحياة..مصير
مفاوضات الحياة..مصير سكان غزة يقع على عاتق خليل الحية

يواجه سكان قطاع غزة تحدّيًا مصيريًا في ظل انهيار قيادة الحركة الفلسطينية إثر القصفَين المتتاليين اللذين أوديا بحياة قادة بارزين، وعلى رأسهم محمد السنوار. 

اليوم، يبرز اسم خليل الحية كلاعب المركزي في مسار المفاوضات الجاري في الدوحة ولندن وغيرها من العواصم المعنية بإنهاء المعاناة الإنسانية المتفاقمة بغزة.

انهيار القيادة الميدانية وضرورة إعادة التمثيل

أعلن الجيش الإسرائيلي قبل يومين أن ضربة جوية على مستشفى أوروبي في خان يونس أسفرت على الأرجح عن مقتل محمد السنوار، قائد فرقة غزة في حركة حماس، إلى جانب قادة آخرين، بينها شخصية محمد شُبانه وأبو عبيدة، ما أضعف الأداء الميداني وفقدان الصوت القائد الأساسي للمقاومة الفلسطينية في القطاع.

 في هذا الفراغ القيادي وفي غياب أي تأكيد رسمي نهائي لمصير هؤلاء القادة، برزت الحاجة الملحة إلى وجود ممثل قادر على التحدث باسم أهالي غزة والدفاع عن حقوقهم.

خليل الحية: ممثل جديد بغطاء اقتراعي وتجربة طويلة

ولد الحية في نوفمبر 1960 بغزة، وهو حاصل على دكتوراه في العلوم الإسلامية من الجامعة الأردنية، وعُرف بخبرته السياسية منذ انضمامه لحماس في انتفاضة الأقصى (2000) وعمله كمدرس جامعي قبل أن يتقلّد مناصب قيادية داخل الحركة. 

منذ اغتيال يحيى السنوار في أكتوبر 2024، عُيّن الحية نائبًا لرئيس المكتب السياسي، ثم انتُخب في 16 أكتوبر 2024 عضوًا في لجنة قيادية مؤقتة «خمسة أعضاء» تتخذ مقرها في الدوحة؛ لضمان استمرارية اتخاذ القرارات في ظروف الحرب الاستثنائية.

دور تفاوضي مرن ومتعدد المسارات

قال الحية في تصريحات مؤخّرة إن حركة حماس مستعدة «للشروع فورًا في مفاوضات مكثفة» من أجل وقف إطلاق النار طويل الأمد، وضمان تبادل للأسرى، وتسليم السلطة في غزة إلى هيئة فنية مستقلة لإعادة الإعمار وتسيير شؤون المدنيين.

 ويعكس هذا الموقف درجة عالية من المرونة بالمقارنة مع المواقف السابقة، إذ إن الحية يعمل على فتح قنوات تفاوضية غير مسبوقة تشمل الوساطات القطرية والتركية، وتنويع المناكفات بين الضغط العسكري والضغط الإنساني والسياسي.

الرهان على الشرعية الشعبية والدولية

يركّز الحية في خطابه على أن كل قرار تفاوضي يجب أن ينطلق من شرعية تمثيلية لأهالي غزة الذين يعانون حصارًا خانقًا ونقصًا حادًا في الغذاء والدواء ويواجهون خطر المجاعة والجائحة معًا. ويستفيد من شبكة علاقاته الواسعة مع الفصائل الأخرى – فتح والجهاد الإسلامي – لضمان توافق فلسطيني داخلي قبل الدخول في أي صفقة تهدئة. في الوقت نفسه، يسعى لاكتساب شرعية دولية عبر التواصل مع الأمم المتحدة والأطراف الأوروبية، مستَندًا إلى التقارير التي تحذّر من كارثة إنسانية واسعة في القطاع.

التحديات والفرص المتاحة

رغم أن إسرائيل تشترط سقوط حماس وتفكيك بنيتها العسكرية لبدء وقفٍ دائم لإطلاق النار، إلا أن الضغط الشعبي والإقليمي المتزايد – بما في ذلك احتجاجات في الداخل الإسرائيلي وهجمات الحوثيين – قد يُجبر تل أبيب على القبول بوساطة تُعطي الحية هامشًا تفاوضيًا أوسع. 

من جهة أخرى، يواجه الحية تحدي الحفاظ على وحدة الصف الداخلي بين المقاتلين المدنيين والسياسيين، وضمان عدم انقلاب أي فصيل على الاتفاق إذا بدت نتائجه مخيبة للآمال.
مصير سكان غزة اليوم يقع على عاتق خليل الحية بالمعنى السياسي والإنساني؛ إذ يقف أمام مهمّة إثبات قدرته على الموازنة بين مطلب إنهاء العمليات القتالية وأولوية إعادة الحياة إلى المدنيين وتلبية أبسط احتياجاتهم. إن صموده في المفاوضات وصورة المرونة التي يظهرها قادرة على بلورة اتفاق لا يحمّل الفلسطينيين كلفة إضافية، بل يعيد الاعتبار لحقوقهم الوطنية ويضع حدًا لمعاناة لن تحتملها غزة أكثر من ذلك.