الصواريخ الإيرانية تسقط على رؤوس الفلسطينيين.. ما القصة؟

في زمن الحرب، لا تنقسم السماء فقط إلى خطوط دفاع وهجوم، بل تنقسم الحقيقة ذاتها. وبينما تعلن إسرائيل نجاحًا باهرًا في اعتراض الصواريخ الإيرانية، فإن الفلسطينيين في الضفة الغربية يجدون أنفسهم أمام خطر جديد: الشظايا القاتلة التي تسقط من السماء بلا إنذار، وبلا تمييز.
دفاعات متقدمة... وسكان بلا حماية
بعد الهجوم الإيراني الصاروخي الأوسع منذ سنوات، فعّلت إسرائيل نظامها الدفاعي المتعدد الطبقات: "السهم" لاعتراض الصواريخ الباليستية، و"مقلاع داوود" للصواريخ متوسطة المدى، و"القبة الحديدية" للاعتراض القريب. ورغم فعالية هذه الأنظمة، فإن كل اعتراض ناجح يخلّف كارثة صامتة في مكان آخر.
أم محمد أبو سرور، من سكان الخليل قالت: "سمعنا صوت انفجار عنيف في السماء، ثم بعد دقائق سقط شيء حاد فوق سطح منزلنا، واخترق الجدار. ظننا أنها قذيفة إسرائيلية، لكنهم قالوا إنها شظايا صاروخ إيراني تم اعتراضه فوق المدينة"
ضحايا الهامش
في جنين، توفي الشاب *معاذ عاصي* (27 عامًا) متأثرًا بجراح أصيب بها نتيجة سقوط حطام على سطح منزله. وفي أريحا، أُصيبت الطفلة *رُبى خلف* (9 سنوات) بكسور في الجمجمة بعد اختراق شظية نافذة غرفتها، بينما كانت تستعد للنوم.
ويقول خالد خلف، والد الطفلة: "لم يكن هناك قصف، ولم نسمع إنذارًا. فجأة كأن السماء انفتحت وسقط شيء معدني مشتعل... ربى لا تزال في العناية المركزة."
غياب التحذير... وغياب الحماية
تقول *مؤسسة الحق* لحقوق الإنسان، في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، إن "أنظمة الاعتراض الإسرائيلية لا تنسّق مع السكان الفلسطينيين في المناطق المحتلة، ولا يتم توفير أي تنبيه مبكر أو ملاجئ طارئة، رغم علم الجيش الإسرائيلي باحتمالية سقوط الحطام فوق الضفة الغربية نتيجة خطوط الاعتراض الجوية".
في حين، وصفت منظمة العفو الدولية ما يحدث بأنه "شكل من أشكال الإهمال الممنهج، حيث يتم تطبيق أعلى معايير الحماية للسكان الإسرائيليين، بينما يُترك الفلسطينيون في العراء، بلا تحذير ولا حماية."
سؤال الأخلاق... لا التقنية
الردع الصاروخي هو إنجاز عسكري، نعم. لكنه أيضًا تحدٍ أخلاقي وقانوني. إذ تتحمل إيران مسؤولية إطلاق الصواريخ، وإسرائيل مسؤولية أماكن اعتراضها، بينما يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية السكوت.
كما انه لا يمكن استخدام الفلسطينيين كمنطقة عازلة في السماء. هذا شكل جديد من الاحتلال الجوي، لا تراه العين، لكنه يُشعر به القلب والدم.
تقول القاعدة الذهبية في الدفاع المدني: "ما تعترضه في السماء، لا تجعله خطرًا على الأرض."
لكن في الضفة الغربية، يُخرق هذا المبدأ كل يوم.
ومثلما لا يُسأل الفلسطينيون عن الصاروخ المُطلق، فلا يجب أن يُعاقبوا بشظاياه.
ما يجري الآن هو إعادة تعريف الردع في الشرق الأوسط، لكنه أيضًا اختبار أخلاقي: هل يمكن لنظام دفاع أن يحمي نفسه دون أن يدمّر غيره؟ وهل يمكن للسماء أن تظل زرقاء، حين يسقط الحطام على من لا يملك حتى سقفًا من زجاج؟