طوق أمني وحواجز مغلقة: كيف تغيّرت حياة سكان القدس الشرقية بعد الحادث؟

بعد أسبوع من هجوم إطلاق النار عند مفترق راموت شمالي القدس، تسود مخيمات وحياء القدس الشرقية حالة من التوتر والقلق، فيما تواصل قوات الأمن الإسرائيلية تشديد تواجدها وفرض قيود مرورية وأمنية أثّرت على حياة السكان اليومية. الحادثة، التي أسفرت عن قتلى وجرحى وأعادَت إشعال مخاوف أهل المدينة من موجة تصعيد أوسع، أدت إلى إجراءات سريعة شملت طوقًا أمنيًا وإغلاق مداخل ومخارج وإجراءات تفتيش مكثفة.
تفاصيل الحادثة تشير إلى أن مطلقي النار وصلا بسيارة إلى موقف حافلات عند مفترق راموت وفتحا النار على المارة والركاب قبل أن يُقتلا على يد عنصر أمن ومدني مسلح، وأسفرت العملية عن سقوط عدة قتلى وإصابات. بعد الحادثة أعلن الجيش والشرطة نشر تعزيزات واسعة في المنطقة وشنّوا عمليات تفتيش وبحث في محيط القدس والضفة الغربية، في محاولة للقبض على أي مشتبه بهم ومنع وقوع هجمات لاحقة.
على الأرض في القدس الشرقية، أفاد سكان محليون ووسائل إعلام أن حواجز وطرق رئيسية أُغلقت مؤقتًا، من بينها نقاطَ تفتيش وممرات اعتاد الفلسطينيون المرور بها مثل مداخل قرب شعفاط ومحيط حاجز "جبع"، ما أدى إلى اختناقات مرورية وتأخير في وصول الناس لأعمالهم ومواعيدهم. هذه الإجراءات الأمنية، بحسب تقارير محلية، قوبلت بإحباط وغضب لدى كثير من السكان الذين قالوا إنهم عالقون بين مخاوفهم من العنف وإجراءات لا تُراعي احتياجاتهم اليومية.
انعكاسات الحادث شملت أيضًا القطاع التربوي: في أجزاء من القدس الشرقية أعلنت جهات محلية وتحركات تربوية عن إغلاق بعض المدارس أو تعليق الدوام الحضوري والانتقال جزئيًا إلى التعليم عن بُعد كخطوة احترازية لتقليل الازدحام وحماية التلاميذ من مخاطر التجمهر في ظل التوتر الأمني. هذا التحول جاء في سياق أوسع شهدته المدينة خلال الأسابيع الأخيرة، حيث سبق أن أغلقت سلطات الاحتلال مدارس تابعة لوكالات دولية في مناطق مثل شعفاط، مما زاد من الضغوط على الأسر والطلاب.
ردود الفعل السياسية والدولية لم تتأخر: دعت تقارير ومسؤولون محليون إلى ضبط النفس، بينما أدان زعماء دوليون استهداف المدنيين. في المقابل اعتبرت جهات فصائلية أن هجمات من هذا النوع «ردّ على ما يجري في غزة»، في إشارة إلى ارتباطات سياسية واجتماعية أوسع بين موجات العنف في الضفة والقدس والأحداث في قطاع غزة. هذا الربط بين دوافع منفذي العمليات والسياق الأوسع أكده أيضًا مراقبون في تقارير أممية ومحلية تناولت تصاعد العنف في الأشهر الماضية.
من داخل الأحياء، يكرر السكان مطالبهم البسيطة: العودة إلى روتين الحياة اليومية، ضمان حرية الحركة، وإيجاد ممرات آمنة للأطفال والموظفين للذهاب إلى مدارسهم وأعمالهم دون العوائق الأمنية المستمرة. بينما تؤكد الجهات الأمنية الإسرائيلية أن الإغلاقات والعمليات مؤقتة وتهدف لمنع هجمات إضافية، يُبقى الواقع الميداني آلاف المدنيين في حلقة من القلق والتأثر الاقتصادي والاجتماعي، مع مخاوف من أن تؤدي إجراءات طويلة الأمد إلى تفاقم التوتر وزيادة العزلة في أحياء القدس الشرقية.
زيارة سريعة للحيّ تظهر أن أثر عملية راموت لم يقتصر على الموقع الجغرافي للحادث، بل امتدّ ليشمل مداخل المدينة، مدارسها ومناخها الاجتماعي. في ظلّ حالة اللامبالاة الدولية المتقلبة والاشتباك السياسي المتصاعد، يبقى السؤال عن كيفية إعادة الثقة والهدوء إلى حياة المدنيين في القدس الشرقية — سؤال لا إجابة له لوحده من دون خطوات سياسية ومعالجات أمنية تراعي حقوق السكان اليومية.