قراءة نقدية لديوان " كرسي على الزبد " للشاعر محمد شمس الدين

 قراءة نقدية لديوان
قراءة نقدية لديوان " كرسي على الزبد " للشاعر محمد شمس الدين

قدم الدكتور أحمد عزيز الباحث في النقد الأدبي والأدب المقارن قراءة نقدية وتحليل تفكيكي لديوان " كرسي على الزبد " للشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين الصادر حديثًا عن دار الآداب بالقاهرة.
وقد لقي شعر " محمد شمس الدين " رواجاً واسعاً في لبنان والبلاد العربية، وصدر له عدد من الدواوين منها ( قصائد مهرّبة إلى حبيبتي آسيا، وغيم لأحلام الملك المخلوع، وأناديك يا ملكي وحبيبي، الشوكة البنفسجية، وطيور إلى الشمس المرّة، وأما آن للرقص أن ينتهي... كما أنه شاعر حديث إلا ان نتاجه الشعري لا ينحصر في مجال واحد غالب شعره يتفاعل مع رموز التاريخ العربي والإسلامي، حاز في العام 2012 على جائزة العويس الشعرية، وترجمت أشعاره إلى أكثر من لغة منها الإسبانية والفرنسية والإنجليزية.
وأكد الباحث في هذه القراءة أن لغة الصمت تسيطر على ديوان " كرسي على الزبد " سعيًا من الشاعر ليخلصه من وحشته وغربته الذاتية.. فهو منسكبٌ بأحاسيسه كالماء في بلّور كأس من فراغ، يرنو للرجوع نحو البداية، بداية دون جدوى، فنراه يغني شعرًا في قصيدة ( سقوط الإناء على المساء ) منشدًا: ( عصف الموج الموج عصفة في بحاري/ وضلوعي كأنَّ قلبي خليج/ جسدي صخرة ينام عليها/ حارسها وموجة لا تموج/ وعلى جبهتي النوارس تهوى/ مهرها الريح والعيون السراج).
وأوضحت القراءة أن هذا التحمس الأفلاطوني لدوره كشاعر، يشبه وصف الكاتب الإسباني أرتيكا إغاسي الذي قال: إن الإنسانية كانت منقسمة إلى صنفين: ( الشعراء والآخرون ). وفي تهافت الشاعر محمد علي شمس الدين، لاحتكار الطبيعة في نرجسية شاعر، حيث النوارس والسروج والريح والخليج يسخرون في خدمة قصيدته ( مريض البحيرة ) كتب الأسى مرتسمًا على شفتي الحروف، مصورًا الرقرقة الفريدة لوجه البحيرة التي تعكس لازورد القمر الفضي فيقول: ( كلما حط فوق البحيرة وجه القمر/ أحس بروحي وقد مسها الحب، تمضي/ كأن المطر/ يفاجئها في الهزيع الأخيرة من الصيف/ أحلم أن البحيرة قد أيقظتني/ ومدت إليَّ بأسلاكها/ وأني على درجات الحجز/ نزلت إلى القاع/ كي نلتقي).
وأشار الباحث أن محمد علي شمس الدين، اتخذ من الشعر سفينة نوح القادرة على النجاة من طوفان الضجيج، تأثره واضحٌ بالمتنبي، والشيرازي في الشعر الكلاسيكي، وببدر شاكر السياب وصلاح عبد الصبور في الشعر الحديث، ولكنه لطالما أجاد رتق الكلمات على منوال التأملات الناضجة، والإضاءة على المعاني السحيقة الأبعاد، ملتحمًا بمدرسة بول فاليري، التي تعتنق الرمزية في الشعر، ساردًا أوجاعه في ديوانه الجديد ( كرسي على الزبد ) مكررًا نفسه بعض الشيء، باحثًا عن نصف شمس، واستراحة للغريب، مناجيًا همهمات الوجع الذاتي الباحث عن حرية التحليق نحو العالم الآخر، منصتًا لذاكرته وهي تنشد مقاعط الأرق والغزل، في مسبحة من التقلبات النفسية العنيفة، والإقحامات الدرائمة للطبيعة التي هي الملهم الأول لنشأة الشاعر.