قبل أن تقع الكارثة ..التنمية المستدامة علاج فعال لمواجهة التغيرات البيئية

قبل أن تقع الكارثة
قبل أن تقع الكارثة ..التنمية المستدامة علاج فعال

يستيقظ العالم أجمع كل صباح على أخبار التغيرات المناخية (سيول فى مناطق جافة وأعاصير وفياضانات لم يسبق لها مثيل وانقراض لأحدى فصائل الحيوانات وذوبان للجليد قبل موعده وارتفاع مستوى سطح البحار وزيادة حدة موجات الحرارة والبرودة) كل ذلك يصنع صورا مرعبة عما سيكون عليه العالم بسبب التغيرات المناخية وتأثيرها على الصحة والحياة على كوكب الأرض بصورة واضحة، وأشارت الدراسات البيئية إلى أن البلدان النامية هى الأكثر تضررا من سواها من الظاهرة حيث أن البلدان الأفريقية والعربية والكثير من بلدان أسيا وأميركا اللاتينية من ضمن البلدان النامية وعلى الرغم من محدودية إسهاماتها في ظاهرة الاحتباس الحراري إلا أنها من أكثر الدول التي تعاني وستعانى من النتائج الكارثية للتغير المناخي بسبب محدودية قدراتها على مواجهة الاثار الناجمة عنها والتكيف مع الظروف الجديدة.
الأمر الذي دفع بعض دول العالم المتقدم لأن تتعاون مع الدول النامية والعربية فى مجال قضايا البيئة والمناخ كأولويات إستراتيجية في سياستها، فالخسائر الفادحة التي يمكن ان يتكبدها كوكبنا مستقبلا لن تقل أكيد عن بعض التكاليف الإضافية حاليا من التي يمكن تحملها من خلال تبني إجراءات وقائية بسيطة للحد من هذا الخطر الداهم، بل إن الأمر بشكل أو بآخر ما هو استثمار في المستقبل والتنمية المستدامة واستثمار لضمان مستقبل للأجيال القادمة.
لذا فيري الدكتور ستيفان أوشمان وهو أحد رواد العلم والتكنولوجيا و التنمية المستدامة ورئيس مجلس أدارة مؤسسة "ميرك" العالمية أن التعاون الدولى أصبح ضرورة مهمة للحفاظ على على كوكب الأرض لذلك أعلنت "ميرك كي جي إيه إيه" شركة العلوم والتكنولوجيا الألمانية الرائدة عالمياً في مجال العلوم المتقدمة والتكنولوجيا، عن تأسيس مبادرة مؤسسة "ميرك للاستدامة" في "دستركت 2020" بدبي، والتى سيتم إطلاقها خلال معرض إكسبو 2020 دبي، وسيبقى المركز بشكل دائم بعد انتهاء المعرض.
ويضم المركز برامج متنوعة تهدف إلى إيجاد حلول بحثية قائمة على تطبيق التقنيات والعلوم المتقدمة لتحديات الاستدامة، و جاءت فكرة تأسيس مركز للاستدامة في قلب مدينة دبي ثمرة اللقاء الذي عقد في دبي مع سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي والنائب الأول لرئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي.
وأكد الدكتور ستيفان أوشمان على أن "مركز ميرك للاستدامة" يهدف إلى تسريع وبناء القدرات وتطوير المهارات عبر إطلاق مجموعة من البرامج التعليمية والبحثية التي تشجع على التعاون والعمل المشترك في البحث والتطوير لدعم جيل جديد من المبتكرين وتحفيز مسيرة التحول نحو عالم أكثر استدامة. وسيضم المركز أيضاً حاضنةً للمشاريع الناشئة تركز على دعم نمو الشركات الجديدة في مجال الاستدامة. كما سيقوم المركز بتسهيل الاطلاع على الخبرات الواسعة واستخدام البنية التحتية لمجموعة "ميرك" الشركة الرائدة في مجال العلوم والتكنولوجيا.
وأضاف أوشمان أن استهلاكنا الشديد للموارد الطبيعية يعتبر أحد أسباب التدهور البيئي فنحن نستهلك مواردنا الطبيعية أسرع بـ 1.7 مرة مما يمكنها النمو مرة أخرة و أحد الأسباب الرئيسية لاستهلاكنا المرتفع للموارد هو الثروة المتزايدة لعدد متزايد من الناس و انخفضت نسبة الذين يعيشون في فقر مدقع في العقود الأخيرة ، مع تزايد عدد سكان العالم و هذا تقدم اقتصادي واجتماعي كبير لمليارات الأشخاص.. في الوقت نفسه ، هذا الرخاء المتنامي يعنى ارتفاع الطلب على الطاقة والمياه والتربة..وتبقى المعضلة كيف يمكننا الحد من الاثار البيئية لدينا - والسماح لمزيد من الناس أن يعيشوا حياة جيدة؟
وتابع قائلا النقاش العام يدور حاليا بشكل رئيسي حول التخلي عن تناول كميات أكبر من اللحوم وتجنب استهلاك البلاستيك وتقليل السفر بالطائرات لكنني مقتنع أن التخلي وحده لا يمكن أن يكون هو الحل خاصة على المستوى العالمي وسيكون أكثر أهمية إذا نجحنا في معالجة المشاكل البيئية من الجذور ولهذا نحن بحاجة إلى تقنيات جديدة ومثلا فى مجال التغذية نعلم جميعًا أن إنتاج اللحوم مؤثر جدًا فى التغير المناخي مثل إزالة الغابات أو انبعاثات الميثان وفي الوقت نفسه ، سيزداد الطلب على اللحوم زيادة حادة في السنوات المقبلة ، وخاصة في الأسواق الناشئة. لذلك علينا أن نفكر في طرق الإنتاج الجديدة. البديل هو إنتاج التكنولوجيا الحيوية للحوم ما يسمى اللحوم النظيفة. هذا هو اللحم الذي لا ينتج عن الطرق التقليدية ولكن من الخلايا الجذعية الحيوانية في مفاعل حيوي – وهو ما يعنى انبعاث للغازات أقل بكثير وانخفاض استهلاك الأراضي والمياه بشكل كبير.
وكشف الدكتور استيفان أوشمان عن أن تقنيات المعلومات والاتصالات تتسبب بالفعل فى حوالي 2 بالمائة من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم وهى تقريبًا نفس انبعاثات الطيران الناتجة عن الوقود. وتشير التقديرات إلى أن هذه الحصة قد ترتفع بشكل كبير في السنوات القادمة. إننا بحاجة ماسة إلى شرائح ووسائط تخزين وتقنيات عرض تستهلك طاقة أقل بكثير. وأوضح أوشمان ان التقنيات الحديثة هي مفتاح التحكم المستدام في استهلاك مواردنا دون تعريض التقدم الاقتصادي والاجتماعي الهائل للعقود الأخيرة للخطر. بمعنى آخر ، نحن بحاجة إلى "تقنيات للمستقبل".
كما أشار رئيس المجلس التنفيذي والمدير التنفيذي لشركة "ميرك" "إن تأسيس أول مركز استدامة تابع لـ’ميرك‘ في ’دستركت 2020‘ بدبي يؤكد التزامنا بتوسيع نطاق علاقاتنا مع شركات الابتكار والباحثين ورواد الأعمال. ونحن في ’ميرك‘ نكرس كل طاقاتنا لتحقيق مستقبل أفضل، وسيعمل المركز على نشر المعرفة بين الأفراد الذين يمتلكون مستويات متقاربة من المعرفة والمهارات، وبناء القدرات في دول الجنوب العالمى وخاصة المنطقة العربية ودولة الإمارات بالأخص ودعم الشركات الناشئة التي يمكنها تقديم حلول مستدامة تحسّن حياة الناس من خلال استخدام العلوم والتكنولوجيا. وتوفر ’دستركت 2020‘ المنظومة المثلى للتركيز على رعاية الابتكار والتعاون . كما سيساهم وجود ’ميرك‘ في دبي في تعزيز رؤية دبي والإمارات في مواصلة بناء اقتصاد معرفي تنافسي قائم على التطبيقاتٍ المستدامة للعلوم والتكنولوجيا.
فيما صرحت الدكتورة رشا قلج الرئيس التنفيذى لمؤسسة ميرك الدولية الخيرية بأن مبادرة ميرك للاستدامة فى دبي ستكون نواة عربية وإفريقية لتمكين الشباب ودعم قدراتهم حتى يصبحوا قادة الاستدامة في المستقبل وأشارت الى أن الشباب لديهم العديد من القدرات غير المستغلة و نود أن نطلق العنان لتلك القدرات التي من شأنها تمكينهم من قيادة التنمية المستدامة والأجندة البيئية الخضراء لبلدانهم من أجل التكيف مع تأثير تغير المناخ وأضافت انه لهذا السبب قمنا بتطوير مبادرة مؤسسة ميرك للاستدامة التي تحمل اسم "الاستدامة مسؤولية مشتركة" و تهدف هذه المبادرة إلى تثقيف وإشراك وتمكين رواد الأعمال الشباب من خلال الوصول إلى المعلومات وتغيير العقلية من أجل إثراء فهمهم للاستدامة وكذلك دعم أعمالهم المبتكرة الجديدة في مجال الاستدامة وتخطط المبادرة للتركيز على بناء القدرات وزيادة الوعي من أجل تسريع الحلول المستدامة للتحديات الحضرية العالمية.
وأوضحت قلج أن مبادرة مؤسسة ميرك للاستدامة تتكون من خمسة برامج أساسية والبرنامج الأول سيكون خاص بـ "سفراء الاستدامة" وفيه سيتم اختيار شخصيات فكرية وفنية متميزة وشبابية لرفع مستوى الوعي بين الشباب عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وفي مختلف المنصات العالمية والإقليمية بهدف تشجيع الشباب على قيادة نمط حياة مستدام مع الهدف من حماية البيئة من مزيد من التغير المناخي.
أما برنامج المبادرة الثانى فينظم برامج تعليم وتدريب الاستدامة للطلاب وأعضاء المجتمع ووسائل الإعلام والمهنيين الشباب ورجال الأعمال لتحسين الوصول إلى المعلومات وتغيير العقلية من أجل تعزيز معرفتهم كقادة مستقبلين الاستدامة في مجتمعاتهم و ستشجعهم هذه البرامج على توعية مجتمعاتهم والعمل معا لإيجاد حلول خاصة بهم للتخفيف من آثار تغير المناخ بطرقهم الصغيرة ولكن المهمة.
أما البرنامج الثالث للمبادرة فيشمل حاضنات تركز على رعاية نمو الأعمال المبتكرة الجديدة في مجال الاستدامة ، بما في ذلك ؛ الابتكار المستدام ، والديكورات الداخلية والخارجية المستدامة ، والأزياء ، والفن
وأشارت الرئيس التنفيذى لمؤسسة ميرك الدولية الخيرية الى ان البرنامج الرابع للمبادرة سيوفر فرص للتواصل والشراكة بهدف تسريع عملية الانتقال إلى عالم أكثر استدامة مع أصحاب المصلحة المحليين والعالميين ، بما في ذلك الأوساط الأكاديمية ومؤسسات البحث والشركات متعددة القطاعات والهيئات الحكومية وغير الحكومية ، فضلاً عن المنظمات المجتمعية والإعلام والفنانين، وعن البرنامج الخامس لمبادرة فسيعمل على توفير مساحات البحث والتطوير التعاوني بهدف دعم جيل جديد من المبتكرين كما سيسهل الوصول إلى الخبرة الواسعة والبنية التحتية لشركة ميرك كشركة رائدة في العلوم والتكنولوجيا و سنستمر في إشراك الشباب لضمان سماع أصواتهم في مواجهة التحديات واستكشاف الحلول فيما يتعلق بمستقبل الاستدامة.