الإمام علي وأصول الحكم.. كتاب جديد للباحث حسام الحداد

الإمام علي وأصول
الإمام علي وأصول الحكم.. كتاب جديد للباحث حسام الحداد

يتناول الباحث في شئون الإسلام السياسي حسام الحداد في كتابه الجديد "الإمام علي وأصول الحكم.. قراءة في عهد الإمام علي لمالك الأشتر"، إمكانات الاسترشاد بنهج الإمام علي للوصول إلى الحكم الرشيد وهل من الممكن الاستفادة من التراث العربي في انتاج نظرية جديدة للحكم الرشيد؟ حيث يقول في كتابه: "تضمن عهد الإمام علي رضي الله عنه لمالك الأشتر ما يتعارف عليه في الأوساط الأكاديمية والمؤسسات الدولية بمرتكزات ومبادئ الحكم الصالح/الراشد/الرشيد/الجيد/السليم، وبذلك إمكانية صلاحية العمل بما تضمنه العهد في الواقع العملي، لتوزيع القوة بين مؤسسات الحكم والمجتمع –مؤسسات حكم قوية ومجتمع قوي- على المستوى الداخلي، وتنظيم العلاقة مع الخارج، بجهاد الأعداء، وعقد المواثيق والعهود “صنع السلام”.
وحول تعريفه بمالك الأشتر يقول الحداد: "مالك بن الحارث من القبائل اليمنية التي أسلمت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الأشتر فلقب عرف به، وهو مشتق من الشَتر، وهو انشقاق جفن العين، وذلك أن رجلا من إياد ضربه يوم اليرموك على رأسه فسالت جراحه قيحا إلى عينيه فشترته ، ويذكر صاحب لباب الآداب أن الشتر جاءه من بضربة أصابته في قتال بني حنيفة حين ارتدوا ، والمرجح أن الشتر جاءه من غزو الروم في موقعة اليرموك التي أبدى فيها شجاعة بالغة، وترك فيها أثرا مذكورا ، واشتهر مالك بلقب الأشتر دون غيره.
ويضيف: كانت أول إشارة لمالك الأشتر بعد إسلامه هي أنه شهد خطبة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية ،وذكره هنا يدل على أنه كان رجلا معروفا ذا شأن، ولمع نجمه إثر فتوح الشام، ثم في معركتي الجمل وصفين، وشهد اليرموك وهناك اشارات انه شهد القادسية ، واستطاع الأشتر أن يكون محل ثقة من القادة في فتوح الشام، فيذكر الواقدي أن أبا عبيدة ضم مئة فارس في فتح عزاز ، وألبسهم زي الروم، وكان كل عشرة من قبيلة، وأمر على كل عشرة نقيبا، ثم أرسل وراءهم ألف فارس، وأمر عليهم مالك الأشتر، وقد فتحت عزاز الشام على يدي مالك وسقط حصنها المنيع ، وتعاظم دور مالك الأشتر العسكري والسياسي يوما بعد يوم خصوصا بعد بداية أزمة الحكم في أخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأصبح مالك واحد من أهم الشخصيات التي تحرك الأحداث في الكوفة، فقد انطلقت الشرارة الأولى للأحداث التي أودت بحياة الخليفة الثالث بما جرى في مجلس سعيد بن العاص، والي الكوفة، سنة 33 هجرية.
أما عن العهد يقول الحداد: "قيل إن عهد الأشتر كتاب لعلي بن أبي طالب أملاه على مالك بن الحارث الأشتر حيث ولاه مصر. وقد وردنا في روايتين: رواية الشريف الرضي في نهج البلاغة ورواية ابن شُعبة في تحفة العقول. وهما متقاربتان في الزمن لأن ابن شعبة توفي في حدود 381 وتوفي الرضي في 406. أما محتواهما فمتماثل ما عدا فروقاً في بعض المبارات ونقصاً وزيادة في فقرات معينة منهما. وهناك شك حول نسبة العهد إلى بن أبي طالب يرد ضمن الشك في نهج البلاغة، وتحقيق ذلك يحتاج إلى وقفة طويلة قد تخرج بنا عن غرضنا.
وإن عدم القطع برأي نهائي حول نسبة العهد إلى الإمام علي لا يمنعنا من تناوله كوثيقة تاريخية تجسد موقفاً سياسياً متميزاً عن الموقف الرسمي وهو في الحقيقة أقرب إلى أن يعبر عن أفكار وتطلعات معارضي صدر الإسلام على اختلاف تنظيماتهم وانتماءاتهم.."
العهد وحقوق الإنسان:
يعتبر العهد من اهم الوثائق الرسمية التاريخية الغنية بمختلف ابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية كونه صادراً من اعلى سلطة في الدولة العربية في عهودها الاولى، ويمثل ذلك مرحلة مهمة من مراحل تطور الفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاداري لدى المسلمين لما شمله من تعليمات ووصايا وسياسات واساليب إدارية وطرق اختيار الحاكم وأساليب مراقبته وعلاقة الحاكم مع المجتمع بمختلف فئاته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وكذلك لما شمله من اسس الحكم الرشيد العادل الذي تقاس به مستويات صلاح انظمة الحكم السياسية في كل مكان وزمان.
كما انه شكل سبقاً زمنياً للحقوق التي جاءت مبادئها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948، واتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة لعام 2008 بمسافة زمنية تصل الى (14 قرن)، وخير دليل على ذلك قول الإمام علي في عهده لمالك الأشتر: (الله الله يا مالك في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزمنى وذوي الامراض والعاهات التي تمنع عن العمل).
أولاً: الحرية:
لقد حظي مبدأ الحرية باهتمام كبير في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي عرفها الإمام علي وسار على هديهما، فلم ينظر الى البشر كأدوات عديمة ا…