تأثيرها يصل قناة السويس.. حرب عالمية ثالثة في القطب الشمالي | شاهد

تأثيرها يصل قناة
تأثيرها يصل قناة السويس.. حرب عالمية ثالثة في القطب الشمالي

حرب القطب الشمالى والسيطرة على الممرات.. عنوان ظل يتم تناقله عبر وسائل الإعلام، خلال الأعوام الماضية لكنها لم يرق لصيغة التأكيد أو التحذير وتعامل معه المتابع باستهانة نظرا للصورة الذهنية حول جبال الجليد العملاقة فى القطب الشمالى، ويراها مجرد منطقة خاصة للدببة.
التطور اللافت فى الحديث عن القطب الشمالى، ما كتبته صحيفة "انترناشونال انترست" اليوم، أن عددا من بلدان العالم تستعد للمواجهة العسكرية محتملة في منطقة القطب الشمالي، وأشارت إلى أن واشنطن قد غيرت استراتيجيتها بالمنطقة أكثر من مرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت ذاته تشعر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بقلق من إنشاء قدرات استراتيجية جديدة لعدد من البلدان بعد ذوبان الجليد هناك.
لافتة إلى أن وحدة مشاة البحرية الأمريكية أجرت مؤخرا، بالتعاون مع العسكريين النرويجيين، مناورات مشتركة في المنطقة لتجربة إجراء الأعمال العسكرية في الظروف الجوية القاسية.
وأوضحت "انترناشونال انترست"، أن التحالف العسكري لواشنطن وأوسلو في منطقة القطب الشمالي "مهم جدا بالنسبة للبنتاجون الذي يسعى لمواجهة إنجازات موسكو في هذه المنطقة"، مشيرا إلى أن روسيا تملك اليوم أكبر عدد من كاسحات الجليد وتعمل بنشاط في الطرق البحرية الشمالية.
وأضاف الصحيفة، قامت روسيا ببناء قواعد عسكرية في منطقة القطب الشمالي، كما أجرت العديد من العمليات التدريبية في المنطقة وسلسلة من المناورات، التي دفعت الولايات المتحدة لزيادة نشاطها في تلك المنطقة بشكل ملحوظ، وذلك لتحقيق توازن للتأثير الاستراتيجي.
مشيرة فى الوقت ذاته إلى أن فتح الطرق البحرية الجديدة بسبب الوتيرة المتسارعة لذوبان الجليد في منطقة القطب الشمالي أجبر واشنطن على تسريع عملها في هذا الاتجاه.
كما دعت القوات البحرية الأمريكية الخبراء لاختراع أنظمة أسلحة مقاومة للمناخ القاسي. من جانبها لجأت إدارة الأبحاث البحرية العسكرية الأمريكية لاستخدام المسيرات تحت الماء لدراسة مياه القطب الشمالي، بهدف أفضل فهم لتقلبات درجة الحرارة وتأثيرها على العمليات العسكرية.
أصبحت المنطقة القطبية الشمالية – المحيط المتجمد الشمالي والأراضي المجاورة للاتحاد الروسي، والتي تصل مساحتها إلى ثلاثة أضعاف مساحة قارة أوروبا – جبهة صراع بين الاتحاد الروسي والغرب منذ عام 2010 ، و في الوقت نفسه، أصبحت مسرحا مهما للسياسة الخارجية والأمنية الروسية.
ولشرح المزيد من التفاصيل حول معركة القطب الشمالى المحتملة، كان قد ذكر الدكتور عمرو الديب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نيجني نوفغورود الروسية، فى دراسة سابقة وضعها حول خطورة التطورات فى المنطقة الجليدية، أن أهمية هذه المنطقة زادت نتيجة لتغير المناخ، وارتفاع معدلات الحرارة على الأرض وذوبان الجليد- والذي أعطى فرصًا أكبر للملاحة في المنطقة وأيضا أدى إلى سهولة عملية التعدين، وخاصة في مجال الطاقة.
وتابع الديب، في هذا الصدد أصبح تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة أكثر أهمية من ذي قبل ففي عام 2015 استولت روسيا على جزء كبير من الجرف القاري في القطب الشمالي، مما دفع الدول الأخرى أن تقدم على نفس الخطوة، فهناك منافسة قوية على حقوق السيادة على هذه المنطقة الغنية جدا بالنفط والغاز والثروة السمكية.
ولفت الخبير فى القضايا الروسية، طبقا للتقديرات الأمريكية يوجد في الجزء الجنوبي من القطب الشمالي حوالي 15% من احتياطات النفط في العالم وحوالي 30% من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم.
وحسب عمرو الديب، أما بالنسبة للتقديرات الروسية، فإن حوالي 60 % من احتياطيات روسيا النفطية توجد في القطب الشمالي، و90 % من احتياطاتها من الغاز والكروم والمنجنيز وتصل احتياطيات روسيا من الذهب في هذه المنطقة إلى حوالي 40%، بالإضافة إلى الثروة السمكية الغير محدودة، فذوبان الجليد في القطب الشمالي نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض أدى إلى فتح ممرات مائية تستخدم من أجل النقل البحري، فطريق البحر الشمالي من مورمانسك إلى بتروبافلوفسك كامتشاتسكي، ومنها إلى فلاديفوستوك وناخودكا هو أقصر ممر مائي من شرق آسيا إلى أوروبا الغربية.
وحول عدد البلدان المتسارعة، أشار إلى أنه فى عام 1989 بدأت ثمانِ دول في القطب الشمالي وهى "كندا والدانمارك وفنلندا وآيسلندا والنرويج والاتحاد السوفيتي والسويد والولايات المتحدة" العمل على "استراتيجية لحماية البيئة في القطب الشمالي" و سميت هذه الاستراتيجية بـ"المبادرة الفنلندية"، وصدقت روسيا (بدلاً من الاتحاد السوفيتي) على الوثيقة في عام 1991.
وتابع الديب، في عام 1996 وبمبادرة من فنلندا أيضا تم إنشاء "مجلس القطب الشمالي" هو منتدى حكومي دولي يشجع التعاون والتنسيق والتفاعل بين دول القطب الشمالي، وخاصة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة وحماية البيئة في القطب الشمالي، كان مؤسسوها هم "روسيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والنرويج والسويد والدنمارك وفنلندا وأيسلندا"، سرعان ما تم تقديم طلبات للانضمام لمنطقة القطب الشمالي من قبل الدول التي ليس لها علاقة جغرافية بالمحيط المتجمد الشمالي،وحاليا هناك 21 دولة مرتبطة بالقطب الشمالي كلهم أعضاء في مجلس القطب الشمالي، هناك 13 دولة مراقبة "بريطانيا العظمى وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا وفرنسا وسويسرا، الصين والهند وجمهورية كوريا واليابان وسنغافورة".
وبحسب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نيجني، فإن الدول التي تسيطر بأشكال مختلفة على منطقة القطب الشمالي هي الولايات المتحدة، الدنمارك، النرويج، كندا وروسيا، وهذه الدول ما عدا روسيا أعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أو شركاء استراتيجيين له، ومن أجل تعزيز سيادة البلدان المؤسسة لمجلس القطب الشمالي في المنطقة القطبية الشمالية تم تشكيل استراتيجيات ومبادئ توجيهية في هذا الخصوص، فلأول مرة تم تطوير الاستراتيجية الوطنية للقطب الشمالي من قبل النرويج،وفي عام 2006، تم نشر "استراتيجية الحكومة في المناطق الشمالية"، وفي عام 2011 تمت الموافقة على وثيقة جديدة، حيث تم إعلان القطب الشمالي كأحد الأولويات الرئيسية لتنمية البلاد.
واستطرد الديب بالدراسة، في أغسطس 2011 ، تم اعتماد "استراتيجية مملكة الدنمارك في القطب الشمالي للفترة 2011-2020"، خصوصا في مجال الطاقة والتعدين، وتطوير التجارة والسياحة، والشحن، والتعليم والعلوم، والحفاظ على البيئة الطبيعية، ومن خلال هذه الاستراتيجية تم إيلاء اهتمام خاص لجرينلاند.
كما أقرت واشنطن في فبراير 2014، ما عرف بـ"استراتيجية الولايات المتحدة الوطنية لمنطقة القطب الشمالي"، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز مصالح الولايات المتحدة في مجال الأمن القومي، كما توضح الوثيقة أن سياسة الولايات المتحدة في القطب الشمالي تهدف إلى تعزيز هيمنتها في هذه المنطقة وكذلك تقييد نمو النفوذ الروسي في المنطقة.
كندا من جانبها، فقد حددت في وثيقة “الاستراتيجية الشمالية لكندا، شمالنا، تراثنا، مستقبلنا“ عام 2019 مبادئ رئيسية لها، منها ممارسة سيادة كندا في القطب الشمالي؛ تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية؛ حماية البيئة في الشمال؛ تطوير الإدارة لصالح حقوق المجتمع المحلي، أيضا بالنسبة لبعض الدول الأوروبية الكبرى "فرنسا، ألمانيا، بريطانيا" الذين يتمتعون بصفة مراقب لمنطقة القطب الشمالى، لديهم استراتيجيات خاصة باستغلال في مجال النقل البحري والدراسات البيئية.
ووفق الديب، للدول الآسيوية التي تتمتع بصفة مراقب في مجلس القطب الشمالي دور واضح، وهذا الدور آخذ في الازدياد – الصين والهند وجمهورية كوريا واليابان وسنغافورة.
لكن الصين فقط لديها استراتيجية القطب الشمالي الخاصة بها، وفي 26 يناير 2018، ظهر الكتاب الأبيض الخاص بالقطب الشمالي، في هذا الكتاب صاغت بكين من خلاله أهدافًا سياسية ومبادئ أساسية لأنشطة البلاد فيما يتعلق بدول القطب الشمالي لفترة طويلة، أما الهند تتمحور أولوياتها في منطقة القطب الشمالي في توسيع ليس فقط التعاون الاقتصادي والعلمي، ولكن أيضًا التعاون السياسي والاستراتيجي مع الشماليين على أساس ثنائي، كوريا الجنوبية من جانبها تهدف إلى جذب مجموعة واسعة من هياكل الإدارة و الأعمال لتنفيذ مشاريع استثمارية في القطب الشمالي، بينما اهتمت اليابان بامكانية استخدام الشركات الصغيرة والمتوسطة وإجراء البحوث العلمية البحرية المنطقة، بينما وضعت سنغافورة نفسها باعتبارها واحدة من القوى البحرية التجارية الرائدة في العالم.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن في أبريل عام 2019 عن خطط لاعتماد استراتيجية جديدة في المستقبل القريب لتطوير القطب الشمالي الروسي حتى عام 2035.
روسيا و غيرها من القوى المهتمة بالقطب الشمالي، يعلمون جيدا أنه سيتم تقسيم الموارد الطبيعية في القطب الشمالي طبقا لعدد القوات البحرية والصاروخية لكل دولة في هذه المنطقة، لذلك تعمل دول الناتو وحلفاؤها الأمريكيون في الشمال على تشكيل قوتهم العسكرية في المنطقة القطبية الشمالية بنشاط، و يقومون بإنشاء وحدات جديدة لأغراض القطب الشمال، وإجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق.
وحسب الدراسة، يتضح من ذلك نمو النشاط العسكري والسياسي في القطب الشمالي من جانب كل من كندا والسويد والنرويج وفنلندا والدنمارك، فتسعى العاصمة الكندية "أوتاوا" باستمرار إلى عسكرة المنطقة القطبية الشمالية، فتم البدء في بناء مركز تدريب خاص للجيش الكندي لإعداد الأفراد العسكريين للعمليات في القطب الشمالي كما تسعى لإنشاء أسطول خاص من سفن الدوريات للعمل الأمني في منطقة الأراضي المتنازع عليها مع موسكو.
كما أجرت مناورات عسكرية على أراضي السويد بشكل سنوي، حيث تتدرب وحدات القوات والعسكريون على “المهارات القتالية في ظروف الشمال الأقصى”،في حين تخصص بريطانيا حاملات طائرات وطيران عسكري للمشاركة في المناورات العسكرية، وتعمل الدنمارك على تعزيز وجودها العسكري في جرينلاند، في قاعدة ثول الجوية، وتخطط لنشر وحدة عسكرية وقوات القيادة والسيطرة في القطب الشمالي،أما النرويج فقد اشترت 48 طائرة مقاتلة من طراز لوكهيد F-35 للقيام بدوريات في المحيط المتجمد الشمالي.
وضعت الولايات المتحدة رادارًا مضادًا للصواريخ، بالقرب من الحدود مع روسيا، مما يسمح بمراقبة إطلاق صواريخ موسكو، في حين أن روسيا تعزز قدراتها الدفاعية في الشمال منذ عام 2008، كما تنص خطة مجلس الأمن الروسي على إقامة أكثر من 200 موقع عسكري وعشرة مطارات، ونشر ما يصل إلى 20 منظومة للدفاع الجوي خلف الدائرة القطبية الشمالية حتى عام 2020، بالإضافة للمناورات العسكرية الدائمة في هذه المنطقة والتي تهدد السويد بشكل خاص.
وهو ما أكده الرئيس الروسي في مقابلة مع صحيفة "ايل كورييري ديلا سيرا" الإيطالية عام 2015، قال فيها، إن "القطب الشمالي يمثل خطر أن يصبح منطقة مواجهة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، جميع جيران روسيا في أقصى الشمال – الولايات المتحدة وكندا والنرويج والدنمارك – هم أعضاء في الناتو، قبالة سواحل النرويج، غواصات أمريكية تعمل بالطاقة النووية بصواريخ بالستية قادرة على ضرب أهداف في وسط روسيا في بضع دقائق".
وبحسب توقعات الديب، فإن الصراع على هذه المنطقة خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون على أشده، نظرا للثروات التي بها ونظرا لأن الحيز الجغرافي لها يجمع الاتحاد الروسي بكل أعدائها في حلف الناتو.
والصراع الدائر هناك لا ينحصر تأثيره على القوي العظمى المتناحرة فى الجليد، بل تمتد تداعايتها لمنطقة الشرق الأوسط وخاصة مصر، وبحسب مركز "سمت" للدراسات، أنه مع ازدياد الحديث حول فكرة تطوير الممر الشمالي البحري، وتسارع وتيرة ذوبان الثلوج وانخفاض الجليد البحري به فى ظل تعاظم ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، ازداد الاهتمام العالمي باستغلال الموارد الطبيعية للقطب الشمالي، ومن بينها استخدامه كطريق ملاحي يوفر الكثير من الوقت، وهو الطريق الذي يتوقع أن يكون منافسًا لقناة السويس خلال العقدين المقبلين، وبخاصة بعدما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن معظم دول آسيا والمحيط الهادئ مهتمة بتعزيز تطوير "الممر الشمالي البحري"، وهو ما اتضح من قوله إنه من الضروري بلوغ الهدف الاستراتيجي الرئيسي في أقرب وقت، وهو البدء بإنتاج مجموعة كاملة من السفن ذات الحمولة المتوسطة والكبيرة والمعدات البحرية، القادرة على عبور الممر الشمالي البحري.
والحديث حول هذا الأمر ليس وليدة اللحظة، إنما امتد لسنوات ماضية، حيث إنه في عام 2013 أبحرت سفينة شحن دنماركية باتجاه الممر الشمالي الغربي الذي يربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ في منطقة القطب الشمالي شمال كندا، وقالت المصادر الإعلامية الدولية التي تناقلت الحدث التاريخي – حينذاك – إنها المرة الأولى في تاريخ البشرية تنجح فيها سفينة شحن باجتياز المعبر الشمالي الغربي.
وخلال أزمة جنوح السفينة "ايفر جرين" فى قناة السويس، أستغلت روسيا الواقعة للترويج للممر الشمالى، وعرضت شركة "روساتوم" الحكومية الروسية للطاقة الذرية، 3 أسباب "لاعتبار الممر البحري الشمالي بديلا حيويا لطريق قناة السويس".
واستثمرت روسيا بكثافة في تطوير الممر البحري الشمالي الذي يسمح للسفن بالوصول إلى الموانئ الآسيوية بمدة أقل بـ 15 يوما مقارنة بالطريق التقليدي عبر قناة السويس.
وتخطط موسكو لاستخدام الممر لتصدير النفط والغاز إلى الأسواق الخارجية، خاصة وأن معظمه بات خاليا من الجليد إلى حد كبير.