رحلة الألغاز.. التاريخ السري لـ علاء حسانين نائب الجن والعفاريت بعج فضيحة الآثار

علاء حسانين
علاء حسانين

 داخل قرية اسمو العروس بمركز ديرمواس محافظة المنيا وتحديدا في بداية عام 2000 بدأت رحلة صعود علاءحسانين نائب الجن والعفاريت، التي استمرت لما يزيد على الـ 20 عاما وشهدت أحداثا مؤثرة فى تاريخ علاء وفى تاريخ دائرة ديرمواس التى يذخر تاريخها ببطولات مدوية وصفحات بيضاء للأهالي فى الكفاح ضد الاحتلال الانجليزي.


وقبيل اقتحامه عالم السياسة، كان علاء مجرد شاب عادي، ينتمي لأسرة متوسطة الحال، قوامها 4 أشقاء ذكور وشقيقتين، لم ينالوا جميعا قسطا كبيرا من التعليم (حصل أغلبهم على دبلومات فنية)، مات الأب فى مرحلة مبكرة وترك مسئولية رعاية الأبناء للسيدة حرمه التى بذلت جهدا مضنيا فى سبيل تربية أبنائها.

وسط تلك الأجواء تشكلت شخصية علاء حسانين الذي عرف فيما بعد بـ "الشيخ علاء" بعد أن ذاع صيته بين أبناء قريته والقرى المجاورة فى أعمال الدجل وفك السحر وعلاج المرضى عن طريق الجن والعفاريت.

وعاش علاء سنوات طويلة فى الظل، عانى خلالها من أوضاع معيشية صعبة بسبب ضيق ذات اليد مثل معظم أبناء القرى، لكن مع دخوله عالم الجن والعفاريت انقلبت حياته رأسا على عقب، وكانت نقطة التحول عندما استعان به أحد أعيان مركز ملوي فى بداية الألفية الجديدة لإخماد حريق اندلع هناك فى بعض القرى، وقتها تمكن علاء بشكل أو بآخر من اخماد الحريق بعد استمراره لأيام متواصلة دون القدرة على اطفائه، وكانت تلك الواقعة  سببا فى ذيوع صيته فى الصعيد كله، فلم تكن تخلو جلسة من جلسات النميمة عن الشيخ الشاب الذي سخر الجن وتمكن من إخماد الحريق.

إجمالا يمكن تقسيم حياة علاء حسانين الى مرحلتين مرحلة ما قبل الجن والعفاريت ومرحلة ما بعدها حيث تفتحت أمامه أبواب الشهرة والأموال وعرف الطريق نحو بيوت الكبار في مصر وخارجها، وهناك حكايات لا حصر لها عن سفرياته الى دول الخليج وعلاقاته الممتدة مع امراء وشيوخ فى العائلات المالكة.

شهرة علاء ونجوميته فى عالم الجن والعفاريت جعلته يفكر فى خوض غمار الانتخابات البرلمانية فى عام 2000، ورغم أن أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع أن يحصل علاء على 5 أو 10 آلاف صوت فى دائرة كان يسيطر عليها أبناء أبوالمكارم بقرية دلجا بالتنسيق مع مصطفى توفيق القيادة الأمنية الكبيرة بوزارة الداخلية، إلا أن علاء حقق مفاجأة مدوية وفاز بمقعد العمال (مستقل) عن الدائرة متفوقا بفارق كبير عن أقرب منافسيه.

كان علاء وجها جديدا فى تلك الانتخابات، فى وقت مل فيه الناس من الوجوه القديمة، ولعب الرجل الذي عرف فيما بعد بـ "نائب الجن والعفاريت" على وتر الدين واختار رمزا انتخابيا براقا (المسجد) غازل به الناخبين، وبالتوازي اقترب من القيادات القبطية فى الدائرة ونال ثقتهم ودعمهم بسبب مشاركته فى ترميم بعض الكنائس والأديرة.

منذ اليوم الأول له تحت القبة سعى علاء حسانين الى تكوين شبكة علاقات قوية للغاية مع قيادات الحزب الوطني، ومع عدد كبير من الوزراء فى عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وانضم اللى اللجنة الدينية فى مجلس الشعب التى كان يرأسها الدكتور أحمد عمر هاشم وقتها وارتبط بعلاقات وطيدة مع رئيس اللجنة الذي كان يحضر افتتاح أي مسجد جديد فى دائرة ديرمواس بصحبة علاء.

قبيل أن تنتهى الدورة البرلمانية الأولى لعلاء فى البرلمان تم ضمه الى صفوف الحزب الوطني، وخلال حضوره احد الاجتماعات العليا للأمانة العامة للحزب وأثناء القاء الرئيس مبارك كلمة فاجأ علاء الحضور فى القاعة وطلب أن يقدم هدية عبارة عن مصحف للرئيس حاول الأمن منعه من الصعود لكن مبارك أشار لهم بتركه وحين وصل علاء الى الرئيس سلمه المصحف لكن كان مع المصحف طلبا باسقاط ديون الفلاحين المتراكمة منذ سنوات لدي البنك الزراعي بفوائدها، ويبدو أن مبارك أعجبته جرأة علاء فوافق على الفور على الطلب وأعطى تعليمات لوزير الزراعة بتنفيذ القرار.

ساهمت تلك الواقعة فى زيادة شعبية نائب الجن والعفاريت وخصوصا فى قرى الشروق التى كان أهلها يقعون تحت وطأة الديون مع البنك الزراعي، وفى انتخابات 2005 خاض علاء المنافسة على قوائم الحزب الوطني، ونجح نجاحا ساحقا فى تلك الانتخابات التي جرت بالتزامن مع تغيير دستوري سمح لأول مرة فى تاريخ مصر بالتنافس بين اكثر من مرشح رئاسي فى الانتخابات الرئاسية.

خرج علاء حسانين من انتخابات 2005 بمكاسب عديدة أهمها أنه أصبح الرجل الأول للحزب الوطني ليس فى ديرمواس فقط ولكن فى محافظة المنيا بشكل عام، كما أن علاقاته بعالم المال رجال الأعمال أصبحت أقوى مما سبق ومن هنا قرر اقتحام عالم البيزنس وافتتح أول مصنع لانتاج الرخام بمنطقة شق الثعبان بالقاهرة ومن بعدها محجر كبير للرخام فى قرية الشيخ فضل على بعد كيلو مترات شمال المحافظة.

فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة فى عهد مبارك عام 2010 فشل علاء فى الفوز بثقة الناخبين فى ظل ارتباط اسمه بالعديد من الأعمال الخارجة على القانون ومنها تجارة الآثار والعملة وتسخير الجن للقيام بمهام ضد خصومه السياسيين، لدرجة انه أصبح عبئا على الحزب الوطنى ذاته.

رغم خروج علاء من البرلمان الا ان صعوده فى عالم المال لم يتوقف بسبب علاقاته الوطيدة بعدد من أمراء الخليج، الذين تشير بعض التقارير الى ارتباطهم بشراكات مع نائب الجن والعفاريت.

ومع صعوده الكبير فى عالم البيزنس تعرف علاء حسانين على رجل الأعمال المعروف حسن راتب وجمعت بينهما علاقة غامضة فرغم التعاون الكبير بينهما فى المال والسياسة الا أن راتب وبعد سنوات من العشرة مع نائب الجن والعفاريت تقدم ببلاغ ضده واتهمه بالنصب عليه فى مبلغ 3 ملايين دولار لكنه أعلن بعدها التصالح مع علاء بعد رد المبلغ محل البلاغ.

لم ييأس علاء ولم يفقد الأمل فى العودة الى أضواء السياسة من جديد وحاول أكثر من مرة خوض الانتخابات لكنه لم ينجح بسبب صدور بعض الأحكام ضده فى عدد من القضايا، لكنه تمكن مؤخرا من الحصول على حكم بأحقيته فى خوض الانتخابات البرلمانية الأخيرة وتعطلت الانتخابات فى دائرة ديرمواس بسببه حتى الآن.

مشهد النهاية فى رحلة صعود علاء حسانين كان مؤسفا لرجل كان يمثل الشعب تحت القبة فقد تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبطه ووجهت له تهمة قيادة تشكيل عصابي لللتنقيب عن الآثار فى عدد من المحافظات وتم ضبط عدد كبير من القطع الأثرية بصحبة العصابة التى كان يمولها كما وجهت له تهم تهريب آثار مصر إلى الخارج.