تحديد الحلفاء..خطاب السنوار يعكس توجهات حماس واتجاهاتها المستقبلية

تحديد الحلفاء..خطاب
تحديد الحلفاء..خطاب السنوار يعكس توجهات حماس واتجاهاتها المس

ألقى رئيس حركة حماس في قطاع غزة، "يحيى السنوار"، خطابًا أمام عدد من  الفصائل المسلحة في قطاع غزة، وأثار هذا الخطاب ردود فعل مختلفة، وأرسل رسائل في عدة اتجاهات، لا تخلو من الدلائل والإشارات، التي قد ترسم معالم المرحلة المقبلة، وتعكس توجهات حركة حماس المستقبلية.
السنوار المُقِلّ في الظهور الإعلامي المُهدد بالإغتيال صراحةً؛ فمنذ تولّيه رئاسةحركة حماس في قطاع غزة، لم يُطِلّ على شاشات الإعلام ويلقي خطابًا أو يعقد مؤتمرًا أو لقاءً صحافيًا إلا مرات قليلة، وآخر لقاء صحفي أجراه السنوار قبل نحو عام.

دلالات خطاب السنوار وتحديد حلفاء حماس 

كلمات السنوار كانت موجّهة بالأساس إلى حلفائه أو حلفاء حركة حماس، فقد خصّإيران بالشكر والتقدير والثناء، فبدءًا بمرشدها السيد علي خامنئي، مرورًا بقادة حرس الثورة الإيراني. وأشاد السنوار  بما أسماه (محور المقاومة) الذي يضم حماس والحركات المسلحة في غزة بالإضافة إلى حزب الله في لبنان والفصائل المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني، والحشد الشعبي في العراق، وحركة أنصار الله في اليمن، وبالطبع إيران كدولة راعية للتمدادت المسلحة غير الشرعية في المنطقة.


أما فيما يتعلق بمصر ودورها في المواجاهات المسلحة بين حماس والجيش الإسرائيلي، حيث تدخلت مصر في الحرب التي اندلعت العام الماضي بين الطرفين، واستطاعت التوسط بينهما لفرض هدنة وايقاف تصاعد العمليات المسلحة، وكذلك اضطلت بدور رئيسي في عمليات غعادة الاعمار دلخل قطاع غزة.على الرغم من ذلك فرئيس حركة حماس لم يذكرها أو يقدّم لها الشكر.
وقد شمل الخطاب إعلان السنوار بالتعاون مع حلفائه حزب الله وإيران، أعلن عن تدشين خط بحري، قد لا يكون مُرضيًا للطرف المصري، الذي يربطه بغزة معبر رفح، وتتحكم فيه السلطات المصرية، مما قد يؤدي غلى توتر في العلاقة مع مصر الطرف الأوقى إقليميًا والأكثر حضورًا في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. عكست كلمة السنوار عن عدم رضا حماس وحلفائها عن مصر، بسببما اعتبره عدم إيفاء النظام المصري بتعهداته، ولا سيما التي قدّمها أثناء زيارة وفد قيادة حماس للقاهرة.

ماذا تستفيد إيران من دعمها لحماس؟

تثار العديد من التساؤلات حول دوافع إيران من دعمِ حركةٍ لا تتفق معها مذهبيًا، ولا تَتماهى معها في كثيرٍ من القضايا الإقليمية -وفي مقدّمتها- الثورة السورية،كما أن الدول ليست جمعيات خيرية تَهبُ أموالها دون مقابل. لذا فماهي الخلفيات والمصالح الأصيلة، والتي تبْتغيها إيران من المد المالي والعسكري الذي تمنحهُ لحماس.


أدركت إيران دور حماس المحور نتيجة سيطرتها على قطاع غزة، فأغدقت على الحركة دعمها المالي والعسكري. ومع اندلاع الثورة السورية، وعدم تأييد حماس لنظام بشار حليف إيران ؛ تراجعت علاقة الحركة بإيران، وانحسر الدّعم، ولكن دون حدّ القطيعة. أواخر 2017 مثلت زيارة وفد من حماس لطهران إعلان تعافي العلاقة مما عكرها، وعودة الدعم الإيراني غير المشروط.
إيران التي تمتلك مشروعا توسعيًا تحت مبدأ "تصدير الثورة"، وتحت غطاء "نصرة المُستضعفين"، ومن هذا المُنطلق يَبرزُ أحدُ الأسباب في دعم حماس.الدعم الإيرانيُ لحماس يُكسب إيران( قوة ناعمة ) كنموذج يجذبُ إليه مُحبّي حماس والقضية الفلسطينية الذي تريد غيران أن تعلن نفسها راعية لها، مما يجذب مزيد من الدعم والتعاطف مع إيران.

ما تخسره حماس في التباعد عن العالم العربي السني أكبر مما تجنيه من علاقتها بإيران
إن العلاقة بين حماس وإيران مجرد علاقة استثنائية اقتضتها المصلحة ولم تكن أبدا علاقة أصيلة قائمة على تكامل فكري أو أيديولوجي.فحركة حماس تستند إلى الفكر الوهابي بالإضافة إلى الأفكار المستمدة من تنظيم الإخوان المسلمين، وهو ما يوضح مدى التباعد بين إيران من جهة بفكرها الشيعي وبين حركة حماس. إلا أن فكرالمقاومة "الذي تبنته الحركة جعل من إيران حليفا اقتضته الضرورة، خاصة بعد الدعم العسكري والمالي الذي قدمته لحماس.ولقد شعرت الأنظمة العربية المعتدلة بالقلق لسنوات من العلاقة الحميمة المتنامية بين (حماس) والمحور الإيراني. ومثل هذه الشراكة قد تخلف عواقب وخيمة على المنطقة، فأنتجت قطيعة بين الدول العربية وحماس.


حماس التي تعلم أن تقاربها من إيران يغضب الدول الخليجية مثل السعودية التي طالما أغدقت عليها بالعطاء والدعم المالي. فحماس التي عليها أن تختار بين امتدادها العربي السني المماثل لها في العقيدة، وبين إيران التي تعتنق الفكر الشيعي وتريد أن تستخدم حماس لمناوشة إسرائيل.
كما أن مصر التي ستضحي حماس بعلاقتها بها وبالتعاون الإستخبراتي بين مصر والحركة، نتيجة التقارب الشديد بين حماس وإيران. فمصر والقوات المسلحة المصرية لا تريد أن يتواجد أي عناصر من حزب الله أو الحرس الثوري على الحدود المشتركة بينها وبين غزة.

في العام الماضي وعندما اشتعلت مواجهات عسكرية دامية بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، أودت بحياة عشرات من الفلسطينيين ومئات الجرحى. لم تتمكن دولة سوى مصر من التدخل مستغلة علاقتها الجيدة مع الحكومة الإسرائيلية،وتمكنت من عقد اتصالات واسعة لإنهاء الحرب، وسهلت مصر حركة دخول الأطباء وعربات الإسعاف إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، واستقبال المصابين في سيناء. وتولت القيادة المصرية بنفسها راعية للحوار بين حماس والحكومة الإسرائيلية، وتعهدت بتقديم نصف مليار دولار مساعدات لإعمار غزة. فهل ستفاوض حماس وتيار السنوار الذي يرى التقارب مع إيران ويقود الحركة لذلك، هل ستكون قادرة على تحمل تكاليف انصرافها عن امتدادها العربي ودعم دولة قوية مثل مصر والسعودية.