ظاهر صالح يكتب.. عملية "طوفان الأقصى " كشفت الانحياز الأعمى للكيان الصهيوني

 صورة لايف

ها هي عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" صبيحة السابع من شهر اكتوبر، قد دخلت شهرها الثاني وسط بسالة وشراسة كتائب القسام وفصائل المقاومة التي اذهلت المجتمع الدولي بأكمله وأحدثت زلزالًا وصدمة كبيرة داخل الكيان الصهيوني، وأربكت جيش الاحتلال الذي لا يزال يتخبط في الرد على تحركات فصائل المقاومة ويواصل قصفه المدنيين في قطاع غزة بلا هوادة، وما يحدث من دمار ووحشية ضد الأطفال والنساء والشيوخ وممارسة أبشع أنواع التطهير العرقي والعنصرية البغيضة، ضد الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم الذي كان "متحضرا" ويبكي من أجل حقوق الإنسان.
عملية "طوفان الأقصى" جاءت لتنزع ورقة التوت الأخيرة عن سوأة  الإدارات الأميركية المتعاقبة وحلفائها من الدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ولتسقط القناع عن تسارع هذه الدول لتعلن تأييدها المطلق للكيان الصهيوني ودعمها العسكري الكامل له، ولتبّرر له القيام برد الفعل البربري المتوحش على رؤوس المدنيين من النساء والأطفال والعجزة.
التآمر على القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، لم يكن وليد اليوم، فمنذ القدم كان الانحياز الغربي إلى جانب العدو الصهيوني، وكانت الخيانة التي توارثها البعض من قادة العرب إلى يومنا هذا لذبح القضية الفلسطينية مرة بسكين المفاوضات والاتفاقيات، ومرة أخرى بسكين التشويه والتضليل وأخيرا بسكين الإعلام وشيطنة الفعل المقاوم ذاته بما يفقده هدفه الأساسي وهو مقاومة الاحتلال.

اعلنها دينيس روس
في ذات السياق، أعلن الدبلوماسي الأميركي السابق دينيس روس والذي يشغل حاليا منصب مستشار في معهد واشنطن، وكان من مهندسي ما وصفت بأنها عمليات السلام أثناء حكم كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون، قائلًا:
انه يساند الحرب على غزة حتى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مؤكدا أنها رغبة قادة عرب وليس فقط إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، يضيف روس بأن هناك الكثير من الإسرائيليين يرون أن عيشهم داخل إسرائيل بعدما حدث في السابع من الشهر الجاري، بات "على المحك"، ونقل روس عن قائد عسكري إسرائيلي قوله "إن لم نهزم (حماس) فلن نستطيع العيش هنا".
يتابع روس "إسرائيل ليست الوحيدة التي تعتقد أن عليها هزيمة حماس" مضيفا "خلال الأسبوعين الماضيين، عندما تحدثت مع مسؤولين عرب في أنحاء مختلفة من المنطقة أعرفهم منذ فترة طويلة، قال لي كل واحد منهم إنه لا بد من تدمير حماس في غزة".
ونقل عنهم أنه "إذا اعتبرت حماس منتصرة، فإن ذلك سيضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبناها الجماعة، ويعطي نفوذا وزخما لإيران والمتعاونين معها، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي".
وشرح بأن أولئك الزعماء العرب الذين تحدثوا إليه صرحوا له بموقفهم "على انفراد" بينما مواقفهم العلنية على خلاف ذلك، لأنهم يدركون أنه مع استمرار انتقام إسرائيل وتزايد الخسائر والمعاناة الفلسطينية، فإن مواطنيهم سوف يغضبون.
وتابع: لذا فأولئك الزعماء يحتاجون إلى أن يُنظر إليهم على أنهم يدافعون عن الفلسطينيين، وعن حقوقهم على الأقل خطابيا.
يشدد الدبلوماسي الأميركي المؤيد لإسرائيل على أن وقف النار حاليا يعني انتصار حماس التي ستعيد بناء ما تهدم خلال هذه الحرب، كما فعلت خلال حروب 2009 و2012 و2014 و2021، وستدخل مستقبلا في جولة عسكرية جديدة مع إسرائيل.

نصائح روس
قال روس إن (حماس) لن تنتهي بالقصف الجوي مهما كان عنيفا، كما أن الغزو البري يشكل خطرا كبيرا على الجنود الإسرائيليين.
قدم الدبلوماسي الأميركي خطته لهزيمة حركة (حماس) التي تستلزم تصفية قادتها، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية، مما يجعلها غير قادرة على عرقلة صيغة لنزع السلاح في غزة، ويجعلها غير قادرة على شن حرب، حسب قوله.
وأكد روس أنه في حالة نجاح غزو بري فذلك يتطلب عدم بقاء القوات الإسرائيلية في غزة إلى الأبد، وعلى العكس من ذلك عليها العمل على تسليم السلطة لقيادة فلسطينية من التكنوقراط أو من الشتات، على أن يكون الحكم تحت غطاء دولي.
وأوضح أن هذا ما يجب أن تعمل الولايات المتحدة على تحقيقه من خلال استغلال المظلة الأممية، أو حتى عبر تنفيذ مقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يقضي باستخدام "التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية" لمحاربة حماس.
وشدد الدبلوماسي المؤيد لإسرائيل على أنه يجب عليها أن توضح أنها تحارب حركة حماس وليس الفلسطينيين، وبالتالي عليها إيجاد أماكن آمنة لهم، وتمكين المنظمات الدولية من فتح خط إغاثة لهم حتى من الجانب الإسرائيلي، مبرزا أنها يجب أن تؤكد للجميع وبالتحديد لجيرانها، أنها لن تبقى داخل غزة.

القادة العرب بيع أوهام وتضليل 
كل هذا الحديث والأحداث الجارية تؤكد أن شعارات بعض الحكام العرب. وبعض رموز السلطة الفلسطينيّة، كانت مجرد متاجرة قذرة بالقضية الفلسطينية، وعنتريات لا تخرج عن أدبيات الاستهلاك الإعلامي المحلي المعتاد وبيع أوهام وتضليل للوجدان الفلسطيني والعربي لا أكثر ولا اقل،  ترفع شعار فلسطين والقضية الفلسطينية في كل المناسبات وتخاطب شعوبها وأتباعها بكونها تحمي هذه القضية والشعب الفلسطيني. 
لعل معركة "طوفان الأقصى" والحرب على غزة كشفت مرة جديدة الانحياز الأعمى للكيان الصهيوني، والنفاق الذي يغلّف سياستها التي تروّج ظاهريًا لها  وللديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وتدعم من الباطن الأنظمة والرموز المشبوهة في المنطقة العربية …

مصادر: نيويورك تايمز