بعد 56 عاما.. أسرار وتفاصيل مثيرة عن سعاد حسني في فيلم بئر الحرمان

قدمت الفنانة الرحلة سعاد حسني فيلم «بئر الحرمان» في 1969، مع المخرج كمال الشيخ عن قصة الكاتب إحسان عبدالقدوس، وهو واحد من أهم الأفلام التي تناولت المرض النفسي بعمق إنساني وجرأة في آن واحد، إذ انطلقت أحداث الفيلم من صراع داخلي لامرأة ممزقة بين صورتها الاجتماعية المثالية واحتياجاتها النفسية، وتصور عبدالقدوس كل التفاصيل آنذاك على شخصية سعاد حسني.
تبدأ حكاية ناهد الفتاة الراقية ابنة الأسرة المحافظة، في الصباح هي السيدة المثالية التي تحترمها العائلة والمجتمع، أما في المساء فتتحول إلى امرأة ساقطة تبحث عن لذة مؤقتة لا تدرك سبب اندفاعها نحوها، هذه الازدواجية ليست سلوكًا اختياريًا، بل نتيجة لاضطراب نفسي عميق، ونتيجة لأم اكتشفت خيانة الأب لها والأب اكتشف خيانة الأم له، وكل منهما ينتقم من الآخر والضحية الابنة.
وتحدث عمرو الليثي عن تفاصيل وكواليس خاصة من الفيلم، إذ قال إن سعاد حسني شرحت كيف أن الفيلم استطاع أن يطرح موضوع المرض النفسي بطريقة واقعية وإنسانية، بعيدًا عن المبالغة أو الوصم، إذ قالت إن الفيلم لم يُقدم «الانفصام» كجنون مرعب، بل كحالة مأساوية تعيشها امرأة ضحية لأسرة شاذة لا تمنح المرأة حق التعبير عن مشاعرها أو احتياجاتها، واستخدام كمال الشيخ للإضاءة والظل والموسيقى التصويرية الهادئة والمقلقة كان له دور كبير في تجسيد حالة البطلة النفسية كي يشعر المُشاهد بالتوتر والقلق.
وتابع الليثي: أهمية الفيلم لا تقتصر على الطرح النفسي فحسب، بل تمتد إلى كونه نقدًا اجتماعيًا حادًا، لأنه أظهر كيف يمكن أن تتحول المرأة- تحت ضغط الكبت والخوف من الأب والأم مزدوجي الشخصية- إلى كائن مزدوج، ويحيا بوجهين في عالمين متناقضين، النهار يفرض عليها قناع الفضيلة، بينما الليل يطلق سراح اللاوعي المكبوت منذ الطفولة.
وأضاف: هذه المفارقة هي جوهر «بئر الحرمان»، الذي يعبر عن الفتاة التي تُجبر على قمع مشاعرها باسم الشرف والتقاليد، وقد تأثر الفيلم بنظريات فرويد في مجال التحليل النفسي، قد تكون ناهد حالة متطرفة، لكنها ليست بعيدة عن واقع كثير من النساء اللاتي يعشن تمزقًا داخليًا بين ما تفرضه الأسرة المتناقضة بين الأقوال والأفعال وبين ما يطلبه الجسد والنفس.