غزة تحت الحصار.. صرخة الأهالي تُجبر درويش على الانخراط لإنهاء المعاناة

في 7 أكتوبر 2023، اندلعت أزمة غير مسبوقة في قطاع غزة بعدما شنت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية واسعة النطاق، ردًّا على هجوم من مسلحي حركة حماس، ما أدى إلى سقوط المئات بين قتيل وجريح وتدمير شامل للبنى التحتية المدنية. منذ ذلك التاريخ، يواجه 2.4 مليون فلسطيني حصارًا خانقًا، بُعيد تشديد القيود على دخول المساعدات الإنسانية بدءًا من 2 مارس 2025، الأمر الذي أجّج كارثة إنسانية حقيقية في غزة.
تفاقمت الأوضاع في القطاع بشكل حاد خلال الأشهر الماضية، حيث سجّلت المؤسسات الإغاثية انخفاضًا كبيرًا في الإمدادات الغذائية والطبية، حتى بات نحو 65،000 طفل يعانون من سوء تغذية حاد، بينما خضع أكثر من 9،000 طفل لعلاج الحميات الناجمة عن الجوع الشديد. وتراجع الدور التقليدي للسلطة الفلسطينية في رام الله، لتترك قيادة القطاع بيد حركة المقاومة التي يمثّلها في الخارج محمد درويش عبر مجلس شورى الحركة، وهو ما جعل أصوات السكان تتجه إليه مطالبين بالتحرك العاجل.
في 12 مايو 2025، التقى درويش بمستشار العلاقات الخارجية الإيراني في الدوحة، مؤكدًا التزام الحركة بمواصلة الدفاع عن الشعب الفلسطيني والسعي بكل السبل لوقف العدوان ورفع الحصار وتأمين دخول المساعدات. وفي الوقت نفسه، يقود درويش وفدًا قياديًا متكررًا إلى القاهرة للبحث مع الوسيط المصري في شروط الهدنة المحتملة وإعادة بناء ما تهدّم من بنى تحتية، وذلك بالتعاون مع شخصيات قيادية أخرى مثل خليل الحية وزاهر جبارين.
في الجانب الميداني، برز إصرار خليل الحية، نائب رئيس الحركة في غزة، على مواصلة نهج المفاوضات من خلال “صفقة شاملة” تشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحابًا كاملًا للقوات الإسرائيلية مقابل تبادل شامل للأسرى. غير أن الجمود الإسرائيلي وصعوبة الاتفاق على بنود الصفقة أوصل الشارع المحاصر إلى حالة من الإحباط، إذ يؤكد الأهالي أن المفاوضات «تجري في مكانها ولا تؤدي إلى نتائج ملموسة تنهي القصف اليومي وتخفف الحصار».
وفي هذا السياق، يؤكد مراقبون وشخصيات فلسطينية أن محمد درويش بصفته رئيس المجلس القيادي للحركة يمتلك نفوذًا خارجيًا يتيح له الضغط على إيران وتركيا والدول الداعمة الأخرى لتوسيع جهود الدعم الإقليمي المباشر لغزة، أو فرض هدنة فورية عبر وسطاء دوليين وعربيين. وبينما تستمر قوات الاحتلال بقصف المنازل والمرافق المدنية، يعيش سكان القطاع في قلق دائم وخوف من تفاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات لا قدرة لأي جهة على احتوائها.
ختامًا، تعكس دعوات السكان إلى درويش استنفارًا شعبيًا غير مسبوق، يطالب بنقلة نوعية في استراتيجيات الحركة وخياراتها السياسية والعسكرية. وفي ظل استمرار المعاناة اليومية، يتطلع أهالي غزة إلى خطوة حاسمة من القيادة—محلية وخارجية—تنهي الحصار وتعيد الأمل لحياة كريمة وأفق سلام يضمن لهم حقوقهم الإنسانية والسياسية.