«الإحرام أو التشمير».. لماذا تُرفع كسوة الكعبة خلال موسم الحج؟

على مر العصور الإسلامية المتعاقبة وحتى الوقت الحالي، تحظى الكعبة المشرفة بعناية واهتمام، ومن مظاهر تلك العناية أعمال الترميم والصيانة والتحسينات المستمرة كل وقت وحين، بالإضافة إلى الاهتمام بكسوة الكعبة التي تعد من مظاهر التبجيل والتشريف لبيت الله.
لماذا تُرفع كسوة الكعبة؟
تقول «وكالة الأنباء السعودية» (واس) في تقرير، «إنه خلال موسم الحج يُرفع ثوب الكعبة، فيما يُسمى بـ«تشمير الكعبة»، والذي يعرف عند العامة بـ«إحرام الكعبة»، موضحة أن رفع الثوب عن الكعبة ليس أمرًا تعبديًا، وإنما يُفعل لحكمة تختلف الزمان، ولكل أهل زمان سبب أو حكمة من ذلك».
ففي العصور القديمة كان «رفع الكسوة» يعد بمثابة وسيلة للإعلان عن اقتراب موسم الحج، ودلالة على دخول وقت الشعيرة، واستقبال ضيوف الرحمن من كل فج عميق لعبادة الله وأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، بالإضافة إلى حماية كسوة الكعبة أثناء الموسم من التمزق والتلف والتوسخ، ثم أصبحت عادة وتقليدًا سنويًا يشرف عليه الحكام المسلمون على مر العصور اهتمامًا كبيرًا، فيرفع ثوب الكعبة قبل بدء موسم الحج بفترة كافية، بهدف حماية الكسوة من التلف أو التمزق نتيجة الزحام الشديد حول الكعبة المشرفة، ولمنع بعض الحجاج أو المعتمرين من قطع الثوب للحصول على قطعة منه طلبًا للذكرى أو البركة.
وتذكر العديد من المصادر أن هذه العادة بدأت منذ صدر الإسلام، وكانت عبارة عن طي ستار الكعبة المكسوة بقطعة من الحرير الأسود المخطوط عليها آيات من القرآن الكريم للأعلى، لتكون فرصة سانحة للطائفين لرؤية أستار الكعبة مرفوعة، وأرجعت كتب ومصادر تاريخية بداية رفع الكسوة إلى العصر العباسي، الذي شهد أول عملية لرفع الكسوة عن جدران الكعبة ليظهر أسفلها إزارًا أبيض يشبه لباس الإحرام الذي يرتديه الحجاج.
ويُعتبر رفع ستار الكعبة المشرفة عادة قديمة، وهي ليست من العبادات، وإنما يراد منها صيانة الستار من أن يُقطع أو من أن يتمزق ويتسخ بسبب تزاحم الحجاج.
ومن ضمن الأعمال الجليلة التي تشهدها الكعبة المشرفة وتسبق موسم الحج كما جرت عليه العادة السنوية، رفع الكسوة بارتفاع ثلاثة أمتار من أسفل الكعبة المشرفة، التي عادة ما تتم في منتصف شهر ذي القعدة بإشراف من الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
ويُغطى الجزء المرفوع من الكسوة بقماش قطني أبيض بعرض 2.5 متر وطول 54 مترا، من الجهات الأربع للكعبة المشرفة، ويشارك في إنجاز هذه العملية مجموعة من الكوادر الوطنية الفنية المتخصصة تعمل وفق أعلى المعايير يساندهم في ذلك أحدث الأجهزة والآليات التي وفرتها الحكومة السعودية لإتمام هذه المهمة في وقت قياسي.
تكلفة كسوة الكعبة
في تقرير آخر، أوضحت «واس»، أن تكلفة الكسوة السنوية تبلغ 25 مليون ريال سعودي، تتكفل بها الدولة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتُستبدل مرة كل عام بعد موسم الحج، ضمن طقوس إدارية وروحية تراكمت خبرتها لأكثر من 100 عام من الإشراف السعودي المباشر.