تمويل بالشريعة الإسلامية لتقليص الدين.. تفاصيل خطة الحكومة لطرح صكوك بضمان رأس شقير

تمويل بالشريعة الإسلامية
تمويل بالشريعة الإسلامية لتقليص الدين.. تفاصيل خطة الحكومة ل

بدأت الحكومة تحركات فعلية نحو إطلاق برنامج تمويل جديد قائم على الصكوك الإسلامية، بعد صدور قرار جمهوري بنقل ملكية أكثر من 174 مليون متر مربع من أراضي الدولة في منطقة رأس شقير بمحافظة البحر الأحمر إلى وزارة المالية، لاستخدامها كضمانة لإصدار صكوك سيادية تُسهم في خفض الدين العام دون التفريط في أصول الدولة أو بيعها.

وبحسب القرار الجمهوري رقم 299 لسنة 2025، نقلت ملكية نحو 41 ألف فدان من أراضي رأس شقير إلى وزارة المالية، على أن يتم استخدامها في عمليات إعادة هيكلة الدين من خلال إصدار أدوات تمويل متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، ضمن خطة أوسع لتقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين الماليين القادمين.

وأكدت وزارة المالية، في بيان رسمي، أن تخصيص الأرض لا يعني بأي حال بيعها أو نقل ملكيتها، وإنما يتم استخدامها كضمانة بنظام حق الانتفاع فقط، لإصدار صكوك سيادية تحقق عوائد مالية تموّل بها مشروعات استثمارية أو تُستخدم في استبدال مديونيات قائمة على الموازنة العامة، بما يخفف من أعباء خدمة الدين.

وأوضحت مصادر حكومية مطلعة أن اللجنة التابعة لهيئة المساحة بدأت بالفعل أعمال الرفع المساحي للأراضي المخصصة لوزارة المالية، تمهيدًا لبدء إجراءات الطرح الرسمي للصكوك، المتوقعة خلال فترة زمنية تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، بعد الانتهاء من المشاورات مع المستثمرين المحليين والدوليين.

وتعتمد خطة الصكوك الجديدة على التوسع في أدوات الدين الإسلامي كوسيلة تمويلية بديلة وأكثر استدامة، حيث تستهدف الحكومة عبر هذا النموذج زيادة متوسط آجال الدين، وتخفيف الضغط على أدوات الدين التقليدية قصيرة الأجل، التي لا تزال تتطلب أسعار فائدة مرتفعة رغم بدء دورة التيسير النقدي من البنك المركزي.

وكانت وزارة المالية قد أطلقت أول إصدار لصكوك سيادية في فبراير 2023 بقيمة 1.5 مليار دولار، بضمان أصول مملوكة للدولة في العاصمة الإدارية الجديدة، ولاقى الإصدار إقبالًا كبيرًا، حيث تمت تغطيته أكثر من أربع مرات. ومن المتوقع أن تحذو صكوك رأس شقير المنوال نفسه، خاصة أنها تستهدف جمهورًا أوسع من المستثمرين، لاسيما من دول الخليج العربي، المهتمين بالأدوات المتوافقة مع الشريعة.

وأكدت مصادر حكومية أن أراضي رأس شقير ستظل مملوكة بالكامل للدولة، ممثلة في وزارة المالية، وأن ما يتم هو فقط استغلال هذه الأصول السيادية لتوليد تمويل «حلال»، لا يُخالف أحكام الشريعة، ويُوظف في مشروعات إنتاجية وخدمية وسياحية، تُسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتُحقق عائدًا اقتصاديًا مستدامًا للأجيال القادمة.

وتستند الحكومة في إجراءاتها إلى القانون رقم 138 لسنة 2021 الخاص بإصدار الصكوك السيادية، والذي ينص صراحة على أن الأصول التي تُستخدم كضمانة يجب أن تكون مملوكة لوزارة المالية أو إحدى الجهات التابعة للدولة، ويتم التعامل عليها بنظام «حق الانتفاع» دون نقل ملكية الرقبة.

وفي سياق متصل، كشفت الوزارة أن البرنامج التمويلي الجديد لا يقتصر على إصدار صكوك محلية فقط، بل يتضمن أيضًا طرح صكوك دولية بنحو مليار دولار خلال الفترة المقبلة، كجزء من برنامج تمويلي معتمد تصل قيمته إلى 4 مليارات دولار، جرى تنفيذ 3 مليارات منها بالفعل عبر أدوات دين متنوعة.

وتعد أراضي رأس شقير واحدة من أبرز الأصول العامة التي تمتلكها الدولة على ساحل البحر الأحمر، وتتمتع بقيمة اقتصادية وسياحية عالية. وتُراهن الحكومة على استغلال هذه المنطقة ضمن شراكات استثمارية مع هيئات اقتصادية وكيانات مالية حكومية، لاستبدال جزء من المديونيات بمشروعات مشتركة تحقق أهدافًا مزدوجة: خفض الدين وتفعيل التنمية.

وشددت وزارة المالية على أن جزءًا من حصيلة الصكوك سيتم توجيهها إلى تمويل برامج الحماية الاجتماعية ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، إضافة إلى ضخ مخصصات أكبر في قطاعات الصحة والتعليم ضمن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026، التي تستهدف جذب نحو 42 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة، وفق تقديرات رسمية.

وفي ختام بيانها، أكدت الوزارة أن استخدام الصكوك كأداة تمويل إسلامية لا يتعارض مع السيادة الوطنية، بل يُعزز من قدرة الدولة على جذب رؤوس أموال جديدة دون التفريط في أصولها، موضحة أن الأرض التي تُستخدم كضمانة ستظل تحت ملكية الدولة بالكامل، ولن تُنقل لأي جهة محلية أو أجنبية.