كشف أسرار البنتاجون.. كيف تنبأ مؤشر البيتزا بالحرب بين إيران وإسرائيل؟

في الوقت الذي استيقظ فيه العالم على أنباء الهجوم الإسرائيلي الواسع على مواقع داخل إيران فجر 13 يونيو، أعاد نشطاء ورواد منصات التواصل إحياء نظرية قد تبدو للوهلة الأولى ساخرة، لكنها أثبتت مرارًا وتكرارًا ارتباطها بتحركات عسكرية حقيقية: إنها "مؤشر البيتزا".
تشير النظرية، التي تعود جذورها إلى ثمانينيات القرن الماضي، إلى أن ارتفاع الطلب على البيتزا في محيط وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يتزامن عادة مع عمليات عسكرية سرية أو قرارات استراتيجية كبرى.
وقد اكتسبت هذه النظرية زخمًا جديدًا بعدما أفاد حساب شهير على منصة "إكس" يُعرف باسم "تقرير بيتزا البنتاجون" بأن جميع مطاعم البيتزا المحيطة بالمقر سجلت "نشاطًا غير اعتيادي" قبل حوالي ساعة فقط من إعلان التلفزيون الإيراني عن وقوع انفجارات داخل طهران.
البيتزا.. مؤشر استخباراتي
في مساء الخميس 13 يونيو، شهدت جميع محال البيتزا القريبة من البنتاجون تقريبًا "ارتفاعًا هائلًا" في النشاط، بحسب ما أفاد به حساب على منصة "إكس" يحمل اسم "بنتاجون بيتزا ريبورت"، وهو حساب يتابع حركة الزبائن في مطاعم البيتزا ضمن نطاق ثلاث أميال من مقر البنتاجون، مستعينًا ببيانات مفتوحة المصدر من "خرائط جوجل"، بحسب صحيفة "نيوزويك" الأمريكية.
هذا الارتفاع السريع في الطلبات أعقبه انخفاض حاد بعد نحو 10 دقائق، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت موجة الطلبات تلك ناتجة عن استراحة مؤقتة بين اجتماعات أمنية متسارعة، واستمر الهدوء حتى الساعة 11:55 مساءً، بينما كانت معظم المطاعم قد أغلقت أبوابها، حيث سُجل نشاط غير معتاد في مطعم "ديستريكت بيتزا بالاس" الذي بقي مفتوحًا حتى منتصف الليل.
البيتزا هي الدليل
وما بدا لوهلة مزحة ثقيلة، تحول إلى مؤشر جاد. فبعد ساعة ونصف من "طفرة البيتزا"، دوّت الانفجارات في طهران، وأعلنت إسرائيل تنفيذ ما أسمتها "الضربة الوقائية" ضد أهداف إيرانية تشمل منشآت نووية ومصانع صواريخ ومقار قيادات عسكرية رفيعة المستوى، حيث أكد تل أبيب، أن الهجوم جاء في سياق "منع إيران من امتلاك أسلحة نووية"، فيما نفت طهران امتلاكها لأي برنامج نووي عسكري.
وفي حين أكدت واشنطن أنها لم تشارك في الضربة، إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرح قائلًا: "هل تلقينا إنذارًا مسبقًا؟ لم يكن إنذارًا. كنا نعرف ما يجري فحسب". من جهته، قال مستشار الأمن القومي ماركو روبيو إن "أولويتنا حماية القوات الأمريكية، ولم نكن جزءًا من أي ضربة".
تاريخ طويل من "البيتزا الاستخباراتية"
ولا تعتبر نظرية "مؤشر البيتزا" وليدة اليوم. ففي أغسطس 1990، قبيل غزو العراق تحت رئاسة صدام حسين للكويت، رُصدت طفرة في طلبات البيتزا في واشنطن. وتكرر الأمر عشية حرب الخليج الثانية عام 1991، حين قال فرانك ميكس، مالك سلسلة فروع دومينوز في العاصمة الأمريكية، إن الطلبات كانت ترتفع بشكل ملحوظ قبل أي عملية عسكرية كبرى. وأضاف لاحقًا أن "الجبن الإضافي واللحوم" كانت المفضلة لدى جنرالات البنتاجون في أوقات الأزمات، بحسب صحيفة "تليجراف" البريطانية.
في ديسمبر عام 1998، وأثناء الحرب الأمريكية على العراق، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن البيت الأبيض طلب "بيتزا بالجبن الإضافي" بنسبة تجاوزت 32% من المتوسط المعتاد. وبحسب تقارير، فقد كان الصحفيون في التسعينيات يراقبون عن كثب سائقي توصيل البيتزا قرب البنتاجون والبيت الأبيض كوسيلة غير رسمية لرصد تحركات الطوارئ.
كل الطرق تمر عبر البيتزا
وفي أحد تصريحاته، قال وولف بليتزر، مراسل شؤون البنتاجون في شبكة "سي إن إن" الأمريكية، عام 1990: "كنت أعلم أن هناك أزمة حين أرى وصول طلبات البيتزا في ساعات متأخرة إلى الجناح الغربي". أما رئيس قسم صحافة البيانات في "ذا إيكونوميست"، أليكس سلبي بوثرويد، فقد كتب مؤخرًا على لينكد إن: "مؤشر بيتزا البنتاجون أثبت، بشكل مدهش، دقته في التنبؤ بالأحداث العالمية من الانقلابات إلى الحروب منذ الثمانينيات".
ولعل اللافت في الأمر، أن النشاط ذاته رُصد أيضًا ليلة 13 أبريل 2024، قبل دقائق من إطلاق إيران طائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل، مما زاد من مصداقية هذا "المؤشر الغريب".