غضب خانق في غزة… صور قيادة حماس في تركيا تفجّر شعورًا بالخيانة والفرقة

غضب خانق في غزة…
غضب خانق في غزة… صور قيادة حماس في تركيا تفجّر شعورًا بالخيا

بينما يكابد سكان قطاع غزة ظروفًا إنسانية غاية في القسوة، مع استمرار الحرب الإسرائيلية والحصار الخانق، تداولت مصادر وتقارير إعلامية معلومات مؤكدة عن توافد عدد كبير من قيادات حركة حماس إلى تركيا، في زيارة امتدت لأيام، تنقلوا خلالها بين عدد من الفنادق الراقية بمدينة إسطنبول. وقد أثارت هذه الزيارة، بتوقيتها ومظاهرها، موجة غضب شعبي واسع في أوساط الغزيين الذين يواجهون الموت جوعًا ومرضًا وتشردًا.

فعلى وقع الدمار والحصار الذي يعيشه قطاع غزة، تفجّرت موجة غضب واستياء شعبي عارم في الأحياء والمدن المختلفة، بعد انتشار صور ومقاطع فيديو على منصّات التواصل الاجتماعي تظهر فيها قيادات رفيعة في حركة حماس خلال زياراتٍ خاصة إلى تركيا، بغضّ النظر عن معاناة السكان اليومية من نقص الغذاء والدواء والوقود. هذه الصور، التي تناقلها آلاف المستخدمين تحت هاشتاغات مثل #خونة\_تركيا و#قيادة\_بعيدة\_عنا، جرّدت العلاقة المزعومة بين القيادة والشعب من أي غطاء موروث منذ انقلاب 2007، وكشفت الهوّة الشاسعة بين صانعي القرار ومعاناة المواطن البسيط.

في الأسابيع الماضية، شهدت مناطق عدة مثل بيت لاهيا ومدينة غزة احتجاجاتٍ نادرة، شارك فيها المئات بحمل لافتاتٍ كتب عليها “حماس لا تمثلنا” و“كفاية تفرقة”، مرددين هتافاتٍ تطالب بإنهاء “التمركز في الفنادق الفخمة” في قطر وتركيا، بينما “أطفالنا يلقون حتفهم جوعًا ودخان القنابل فوق رؤوسنا”. 

وقد قدّرت مصادر ميدانية عدد المتظاهرين في بيت لاهيا بأكثر من 3،000 محتج، وسط إطلاق قوات الحركة قنابل صوتية لتفريقهم، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.

يرى الكثير من أهالي غزة أن صور المسؤولين وهم يتلقّون دعمًا سياسيًا وماليًا من أنقرة (تركيا) وسط مآسي المدنيين، تُعدّ “المشهد الأوضح” على تباعد الأولويات، إذ يتقصّد القادة الظهور بأناقةٍ وأناطيل خمس نجوم، ويرسلون “طفلينا يسقطون في الملاجئ بلا ماء ولا غذاء”. 

وفي تحقيقٍ نُشر مطلع العام الحالي، كشف أن عددًا من كبار قادة حماس وأسرهم استقرّوا في تركيا وقطر، واستثمروا أموالًا طائلةً في عقارات وشركات صغيرة، مقابل تكبّد السكان الرسوم الضريبية المفروضة على السلع الأساسية، دون رقابة حقيقية على تلك الأموال.

هذه التظاهرات الشعبية لم تكن مجرد احتجاجٍ على الحياة المعيشية المتردية، بل تحوّلت إلى دعوةٍ صريحة لـ«قصّ الطريق» على قرار الحرب والسلام، حيث طالبت أصواتٌ غاضبة بفتح حوارٍ داخلي يضغط على القيادة للتنازل عن جزءٍ من السلطة لصالح «السلطة الفلسطينية» المعترف بها دوليًا، ترى فيها بعض الشرائح متنفسًا لحل المشكلة الإنسانية الخانقة في غزة. 

فقد ظلّ سكان القطاع يعانون انقطاع الكهرباء لأكثر من 20 ساعة يوميًا، ونفاد الوقود الذي يشلّ عمل المستشفيات ويعطّل ضخّ المياه، ما أدى إلى ارتفاع مقلق في الأمراض والأوبئة بين الأطفال وكبار السن.

وردًّا على هذه الغضبة، أكّد بعض الإعلاميين المقربين من حماس أن “التصوير كان ضمن فعالياتٍ دبلوماسية تهدف لجلب دعمٍ إضافي”، فيما اعتبره محلّلون سياسيون “تسويقًا خاطئًا” زاد من النفور الشعبي ضد قادة الحركة الذين لم يزوروا خط المواجهة الأول، ولم يعايشوا ضغوط المدنيين خلال الحملة العسكرية الأخيرة. وفي رسائل متبادلة على منصّات الرسائل الخاصة، عبّر شبّان غزاويون عن شعورهم بـ«الخذلان المزدوج»؛ إذ يشعرون بأن “حماس جلبت الأذى كما جلبت الهزيمة” تاركةً المواطن وحيدًا في مواجهة الألم ْ.

تثير هذه الأحداث تساؤلاتٍ إنسانية وسياسية حول مصير القطاع الغارق في الألم: هل ستتمكن حماس من إعادة وصل ما تراخى من جسر الثقة مع السكان؟ أم ستكبر الهوّة، ويستمر الشعب في البحث عن بدائلٍ للخلاص من مأساةٍ عمرها أكثر من عشر سنوات؟ يبقى رأي الشارع في غزة أكثر صدقًا وجلاءً من أي تصريح رسمي، وهو الذي يقاس بالألم اليومي والدمعات المتراكمة على وجوه الأمهات والأطفال في كل زاوية من زوايا القطاع.