عودة الروح إلى أسواق جنين: إقبال من عرب 48 وحذر من عمليات عسكرية

عودة الروح إلى أسواق
عودة الروح إلى أسواق جنين: إقبال من عرب الـ48 وحذر من عمليات

أسواقُ جنين تشهد هذه الأيام حركةً ملموسةً وازدحامًا لافتًا، مع توافدِ عددٍ من زوّارٍ من فلسطينيي الداخل (عرب الـ48) لقضاء فتراتٍ قصيرة من التسوُّق والزيارة، ما أعاد إلى بعض المحال الصغيرة نفسًا من السيولة بعد أشهرٍ عصيبةٍ من التراجع. في الوقت نفسه، يسيطر على التجار والزوار شعورٌ مركّب بين الفرح المؤقت والقلق من احتمال تراجع هذه الحيوية بفعل أيّ تصعيد أمني. 

شهادات ميدانية
"الحركة فضّلت النفس علينا"، يقول محمد، صاحب محلّ أحذية في سوق جنين القديم، بصوتٍ يلمع فيه أملٌ محاطٌ بالحذر: «أول يوم شُفت الناس راجعة، قلبي اطمأنّ، اشتريت بضاعة جديدة وخدت دفعة أمل. لكن الخوف لسه موجود — لو صار أيّ هجوم أو حملة توقّف الناس فورًا». (شهادة مراسل ميداني جمعته المحرّرية من البائعين).
سعاد، زبونة قدمت من داخل الخط الأخضر لزيارة أهلها وشراء حاجيات العيد، تقول: «جايين نزور ونشتري وبنحبّ نتمشّى بالسوق، بس كلّ ما نسمع عن اقتحام أو اشتباك على طول نفكّر نرجع على طول. الواحد ما يضمنش سلامته».
أحد أصحاب الأكشاك الغذائية أضاف: «الموسم رجع شغلنا يومين، لكن خسائرنا في الشهور اللي فاتت كبيرة — مخاوفنا مش بس على الربح، بل على المحلّات نفسها، لأن أيّ تدمير أو اعتقالات تقدّر تشلّ الشغل لشهور».

أثر العمليات العسكرية السابقة على التجارة والمخاوف الحالية
القاعدة التي يبنى عليها قلق التجار ليست افتراضية فقط؛ فقد شهدت المدينة وحمَلاتها العسكرية فتراتٍ من المواجهات التي تركت أحياءً وأسواقًا شبه خالية، وتحولت عمليات عسكرية إلى فترات جمود اقتصادي مؤذية، حتى وصفها بعض التغطيات بأنها حوّلت مناطق إلى "مدن أشباح". مثل هذه العمليات سببت دمارًا وبطالةً وتوقفًا للأنشطة التجارية. 

منظماتٌ طبية وإنسانية وثّقت أيضًا تأثير التوترات على المدنيين والبنى التحتية الصحية والاقتصادية؛ هذه الضغوط تؤدي إلى خسائر مباشرة للتجار والموظفين وتفاقم معدلات البطالة في الضفة الغربية، ما يجعل أيّ استقرار تجاري هشًّا للغاية. 

كيف تؤثر العمليات العسكرية على التجارة عمليًا؟

تراجع أعداد الزبائن والزوار:الخوف من التنقّل والطرق المغلقة يقطع عن المحال مصدرَ دخلٍ رئيسيًّا، خصوصًا المحلات التي تعتمد على زوار من داخل الخط.
انقطاع الإمدادات وسلاسل التوريد: إغلاق المعابر والطرقات يؤخر وصول البضائع، تزداد الكلفة ويقل عرض البضاعة.
تلف الممتلكات وانخفاض القدرة على الإقراض: الدمار المادي وغياب الضمانات يجعل البنوك والمموّلين ينسحبون أو يرفعون شروط القروض.
هجرة العمال أو فقدان الوظائف المؤقتة: العمال يهابون البقاء، وتقل القدرة الاستهلاكية للسكان المحليين.

نداء التجار والناس
تجمّعت أماني التجار والزوار حول مطلب واحد واضح: حماية المساحات المدنية والتجارية من أيّ تصعيد، وتأمين مرور الناس والبضائع بسلاسة، لأنّ كل يومٍ من السلام النسبي يمثل فرصةً لإعادة بناء دخلٍ وكرامةٍ لمئات العائلات. التجار يدعون الجهات المحلية والدولية للعمل على إجراءاتٍ تحفظ الأمن الاقتصادي وتمنع العودة إلى سيناريوهات العنف التي أضرت بهم سابقًا. 

ختامًا، تبدو أسواق جنين اليوم مساحةً حيّةً للقاء والاقتصاد، لكنها هشّة — تصميم الحياة اليومية والتعافي الاقتصادي مرهونان بقدرة المجتمع والدول على المحافظة على استقرار يمنح الناس جرعة أملٍ أطول من الومضة المؤقتة.