لهيب الحرّ لا يوقف الطقوس.. آلاف المصلين بالأقصى يأملون صلاة بلا إزعاج

لهيب الحرّ لا يوقف
لهيب الحرّ لا يوقف الطقوس.. آلاف المصلين بالأقصى يأملون صلاة

رغم موجة حرّ غير معتادة تسبّبت بدرجات حرارة قياسية في أجزاء من إسرائيل والأراضي الفلسطينية، شهد المسجد الأقصى وحرمه الشريف توافدَ آلاف المصلين على مدار الأسبوع، مؤكدين أن الارتباط الروحي بالمكان يفوق أي عائقٍ مناخي. تقديرات دائرة الأوقاف والجهات المحلية تكلّمَت عن حضور جماهيري كثيف - لا سيّما في صلاة الجمعة - في مشهد يعكس إصرارًا على الحفاظ على الطقوس الدينية والروتين اليومي، حتى مع اشتداد لهيب الصيف.

تقول أرقام محلية وتقارير ميدانية إن أعداد المصلين بلغت عشرات الآلاف خلال صلاة الجمعة الأخيرة، مما جعل ساحات القِبلة ممتلئة بشكل واضح، رغم القيود الأمنية في بعض الأوقات والتي فرضتها سلطات الاحتلال أو تغيّرات في إجراءات الدخول. هذا الحضور الكثيف يؤشر إلى رغبة الزوار والمصلين في التأكيد على ثباتهم وحقوقهم الدينية في موقعٍ حساس تاريخيًا وسياسيًا. 

على الصعيد المناخي، لم تكن القدس بمنأى عن موجة الحرّ التي اجتاحت البلاد هذا الصيف، مع توقعات وقياسات محلية أشارت إلى أن موجة قياسية دفعت درجات الحرارة إلى مستويات أعلى من المتوسط المعتاد لشهر أغسطس، ما دفع الجهات الصحية والبلديات إلى تحذير المواطنين من مخاطر التعرض الطويل للشمس. هذا الواقع الحراري دفع جزءًا كبيرًا من المصلين إلى تفضيل أداء الصلوات في ساعات الصباح الباكر لتفادي شدة حرارة الظهر. 

في الوقت نفسه، يخيم على الأجواء الحساسية السياسية حول المسجد الأقصى؛ فقد ظهرت تحذيرات وبيانات رسمية من دائرة الأوقاف والجهات الإسلامية حول محاولات تغيّر «الوضع التاريخي» للمكان، وهو ما أثار توترًا إعلاميًا ودبلوماسيًا مؤخرًا. زيارات لمسؤولين إسرائيليين وأحداث متفرقة أثارت ردود فعل وبيانات إدانة من جهات فلسطينية وعربية ودولية، ما يجعل أية مناسبة دينية في الحرم أكثر هشاشة أمام أي شرارة سياسية.

في الساحات والمصليات، تحدث موظفو الأوقاف والزائرون عن رغبة بسيطة وواضحة: هدوءٌ يتيح لهم الصلاة والذكر والطمأنينة بعيدًا عن الإزعاجات. مُعظمهم أكّد على أن الصلوات الصباحية باتت الخيار العملي هذا الصيف — ليس فقط لراحة الجسد من حرارة النهار، بل أيضًا لأن الصباح يحمل نوعًا من الطمأنينة الأمنية والنفسية التي يفتقدها كثيرون في بقية اليوم. هذه الأصوات اليومية، البسيطة في مضمونها، تكشف جانبًا إنسانيًا عميقًا: المكان بالنسبة لهم أكثر من مجرد حجَر وقبة، بل هو متنفس روحي وملاذ يومي.

ختامًا، يبقى الأمل معلقًا لدى المصلين والزوار بأن يستمر الصيف بهدوئه النسبي وأن تُحترم حرمة المكان، لأن الهدوء لا يقتصر فائدته على راحة الجسد أمام موجة الحرّ، بل هو شرط أساسي لحفظ الروابط الاجتماعية والدينية في مدينة تعدّها جماهير متعدّدة ديانات ومعتقدات بصيرةً وروحًا. الحفاظ على هذا الهدوء يتطلب تضامنًا مجتمعيًا وسياسيًا — وإلا فكل صلاةٍ تحت الشمس الحارقة ستبقى شاهدةً على مقاومةٍ يومية للمعاناة والقلق.