مصطفى يحذّر من تفاقم الأزمة الاقتصادية: احتجاز الضرائب والبطالة مشكلات تتقاطع مع الأمن

مصطفى يحذّر من تفاقم
مصطفى يحذّر من تفاقم الأزمة الاقتصادية: احتجاز الضرائب والبط

حذّر رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى من تفاقم حاد في الأزمة الاقتصادية التي تواجه السلطة الفلسطينية، مشيرًا في اجتماع طارئ عُقد ضمن فعاليات مؤتمر اقتصادي في رام الله إلى أن احتجاز إسرائيل لمبالغ ضرائب الضفة وغزة يمثل عاملًا أساسيًا في تدهور المالية العامة وتهديد قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين وتأمين النفقات الأساسية. 

التحذير جاء في وقت تظهر فيه مؤشرات رسمية تدهورًا شديدًا في سوق العمل: بيانات الجهاز المركزي للإحصاء تشير إلى أن معدل البطالة في الضفة الغربية ارتفع ليصل إلى نحو 31% في عام 2024، فيما تتجاوز مستويات البطالة في قطاع غزة نسبًا أعلى بكثير، ما يزيد من هشاشة الأسر الفلسطينية واعتمادها على التحويلات والمساعدات الخارجية. هذا الارتفاع الحاد في معدلات البطالة يفاقم الضغوط الاجتماعية ويقلّص قدرة الاقتصاد المحلي على الصمود أمام صدمات مثل احتجاز الإيرادات. 

على صعيد الموارد، تعاني السلطة من تجميد وتحويلات متقطعة لعائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين — ما يعرف بـ«إيرادات التحصيل» أو clearance revenues — حيث فرضت إجراءات حجز وتحويلات منذ أحداث أكتوبر 2023 وأحيانًا تمت إعادة تحويل أجزاء منها بشكل متقطع، بينما يظل جزء كبير مجمدًا أو مستخدمًا لأغراض أخرى وفق سياسات إسرائيلية متغيرة. وقد أدت هذه الإجراءات إلى نقص حاد في السيولة لدى الخزينة الفلسطينية وزادت من صعوبة تمويل الرواتب والالتزامات الأساسية. 

خبراء اقتصاد دوليون وإقليميون يؤكدون أن رفع القيود الإسرائيلية على الحركة والوصول والتجارة هو شرط أساسي لاستئناف نمو حقيقي في الاقتصاد الفلسطيني وخلق وظائف مستدامة. تقارير ومواقف صادرة عن مؤسسات دولية أشارت إلى أن التخفيف من قيود الوصول والاستثمار، والسماح بدخول واستقرار سلاسل الإمداد، يمكن أن يخفّض البطالة ويزيد الإنتاجية — لكن هذه الخطوات غالبًا ما تُشرط إسرائيل بتحسن حالة الأمن أو نتائج ملموسة في التنسيق الأمني مع الأجهزة الفلسطينية. 

هنا يظهر تعقيد المأزق السياسي-الاقتصادي: بحسب مراقبين، الحلّ الاقتصادي لا يمكن فصله عن الملف الأمني. تحسين الأوضاع الأمنية الذي تطلبه إسرائيل لرفع بعض القيود يرتبط بقدرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على فرض القانون وضبط الفوضى، وكذلك بمدى تعاون الفصائل المسلحة مع جهود خفض العنف أو العزوف عن حمل السلاح. وفي المقابل، ضعف الاقتصاد وتفاقم البطالة يوفّران أرضية خصبة للتجنيد والتحريض، ما يُشكل حلقة مفرغة بين الأمن والاقتصاد، ويُضعف موقف السلطة في مفاوضات لاستعادة الإيرادات أو الحصول على دعم دولي. 

المشهد السياسي يضع الحكومة أمام خيارات محدودة: زخم ضاغط لاستعادة الأموال وإعادة فتح قنوات التمويل الدولية، بينما يضغط الواقع المعيشي على الحكومة لتأمين رواتب واحتياجات عاجلة قد تتطلب إجراءات مالية طارئة أو زيادات في منح المجتمع الدولي. دعا مصطفى إلى تكثيف المساعي الدبلوماسية والضغوط الدولية لضمان تسليم المستحقات المالية وإيجاد سبل لتعزيز الاستقرار الاقتصادي مؤقتًا إلى حين حلول تسوية أمنية أطول أمدًا.

في الخلاصة،فان رئيس الوزراء محمد مصطفى محق في التشخيص من حيث أن احتجاز الإيرادات وارتفاع البطالة يمثلان ركائز الأزمة الراهنة، لكن الحلول العملية تتطلب مقاربة متزامنة: ضغط دبلوماسي لاستعادة الموارد، برامج إنعاش اقتصادية وتوظيفية عاجلة، وإصلاح أو دعم مؤسسات الأمن لردم الفجوة التي تطالب بها إسرائيل كشرط لرفع القيود. غياب أي من هذه العناصر قد يبقي المنطقة في حلقة اقتصادية-أمنية تؤدي إلى مزيد من التدهور الاجتماعي والضغوط السياسية على السلطة.