صرخات لم يسمعها أحد.. تفاصيل مأساوية في وفاة محروس ضحية العنف الأسري بالقليوبية

صرخات لم يسمعها أحد..
صرخات لم يسمعها أحد.. تفاصيل مأساوية في وفاة محروس ضحية الع

في أحد شوارع شبين القناطر بمحافظة القليوبية عمّ الصمت، وارتسمت علامات الذهول على وجوه السكان. المدينة التي اعتادت صخب الأطفال وأصواتهم خيّم عليها حزن ثقيل عقب خبر وفاة الطفل محروس ر.، الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره.

محروس، الصغير البريء، كان ضحية لعنف أسري لا يُحتمل. زوج والدته، المدعو محمود ع، لم يترك فرصة إلا وأذاقه العذاب، حتى انتهت حياته في مشهد صادم، بعدما اعتدى عليه بالضرب المبرح حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

في المنطقة التي كان يعيش فيها، وقف الجيران مذهولين لا يصدقون ما حدث. قالت أم سامي، إحدى الجارات، وهي تمسح دموعها بطرف طرحتها:

"الولد كان دايمًا حزين.. عمرنا ما شفناه بيلعب زي باقي العيال، كنا نسمع صوته بيعيط بالليل، وصوت ضرب جاي من البيت، بس نقول يمكن بيتخانقوا عادي. ما حدش توقع إن نهايته تبقى كده."

الجريمة لم تكن مجرد لحظة غضب عابرة، بل جزءًا من سلسلة متكررة من الاعتداءات. جارة للأسرة قالت بدموع حبيسة: "كنا بنسمع صوت الولد بيعيط من الشقة كتير، بس عمرنا ما تخيلنا إنه بيتعذّب بالشكل ده.. كان طفل مسكين بيحلم يعيش زي باقي العيال."

وأضاف أبو محمد، أحد سكان الشارع: "كنا ساعات نسمع صوت صراخ من البيت بالليل، وصوت حاجة بتتخبط، كنا فاكرين إنها مشاكل أسرية عادية، محدش تخيل إن طفل صغير هو اللي بيتعذّب."

التحقيقات كشفت أن الأم كانت على علم بما يتعرض له طفلها، لكنها لم تتحرك لحمايته. ارتباطها بزوجها بعقد عرفي لم يكن كافيًا لتبرير صمتها، حتى انتهى الأمر بمأساة.

الأجهزة الأمنية، بقيادة اللواء أشرف جاب الله مدير أمن القليوبية، تحركت سريعًا لتفكيك خيوط الجريمة، ومع جهود اللواء محمد السيد مدير المباحث، واللواء وائل متولي رئيس المباحث، تم ضبط المتهم بعد تحريات موسعة قادها المقدم محمود إسماعيل رئيس مباحث شبين القناطر. النيابة العامة بدأت التحقيقات وأمرت بانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثمان وبيان ما إذا كان الطفل قد تعرض لاعتداء جنسي إلى جانب الضرب الوحشي.

في النهاية كان المشهد الإنساني الأشد إيلامًا في جنازة محروس. خرج الأهالي بالعشرات لتشييعه، رجال ونساء وأطفال وقفوا في صمت مطبق، والدموع تغلبهم، والدعاء لا ينقطع: "الله يرحمه.. كان ملاك صغير، إيه ذنبه يمشي من الدنيا كده؟"