توسيع النشاط العسكري الإسرائيلي في الضفة: مؤشرات على تصعيد طويل الأمد وتأثير إنساني واسع

في الأيام الأخيرة تصاعدت التغطية الإعلامية الإسرائيلية حول «ارتفاع مستوى التهديد» في الضفة الغربية، وتساءلت تحليلات محلية عن نية الجيش توسيع عملياته هناك — بما في ذلك زيادة عدد الجنود وتصعيد التدخل داخل القرى ومخيمات اللاجئين. هذا الخطاب الإعلامي لم يأتِ في فراغ: ما شهده الشمال والضواحي الفلسطينية خلال الأشهر الماضية يعكس تحوّلًا ملموسًا في نهج القوات الإسرائيلية تجاه المناطق الحضرية واللاجئة في الضفة.
الوقائع الميدانية تؤكد أن التوسع ليس مجرد حديث إعلامي. خلال شباط/فبراير 2025 أرسلت إسرائيل دبابات إلى مدن مثل جنين للمرة الأولى منذ عقود، وأصدرت تعليمات لتحضير قوات للوجود «لفترة ممتدة» في مواقع وصفها مسؤولون بأنها «مراكز تهديد» — تحرّكات رسمية تترجم إلى زيادة أعداد الوحدات المتمركزة في المناطق المعنية ووجود ميداني أعنف. تقارير عسكرية وإعلامية ذكرت أيضًا نشر كتائب إضافية وتوسيع نطاق عمليات المداهمة لتشمل القرى ومخيمات اللاجئين.
من جانب التكتيكات، نقلت تقارير إسرائيلية عن توسيع أوامر إطلاق النار لدى قيادة المنطقة الوسطى، وهو ما وصفت به صحف محلية حالات من «تصعيد قواعد الاشتباك» على الأرض، وهو أمر يُترجم عمليًا إلى مواجهات أكثر عنفًا وإصابات بين المدنيين والمسلّحين على حد سواء، بحسب تحقيقات محلية ومصادر عسكرية ومراصد حقوقية. هذا التغيير في قواعد الاشتباك يفسر جزئيًا ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين ووتيرة المداهمات المتكررة.
الجانب الإنساني أصبح من أبرز نتائج هذا التصعيد: وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة وثّقت نزوح عشرات الآلاف من سكان مخيمات ومدن شمال الضفة بعد موجات المداهمات والقتال. تقديرات رسمية لمحطات إغاثة فلسطينية وأرقام الوكالات الدولية تُشير إلى أن نحو 40 ألف شخص اضطروا لمغادرة منازلهم في موجات النزوح الأوسع هذه، مع إغلاق مدارس وتحويل منشآت صحية إلى مناطق غير عاملة بفعل الحصار والاشتباكات. المشهد أوجد ضغطًا هائلًا على البنى التحتية المحلية وهدد قدرة المنظمات الدولية على تقديم مساعدات مستدامة.
محلّلون أمنيون يرون أن دوافع التوسيع متعددة: تبرير أمني لمواجهة خلايا مسلحة قالت تل أبيب إنها مدعومة من جهات إقليمية، رغبة داخلية بالردّ على حوادث أمنية داخل إسرائيل، بالإضافة إلى حسابات سياسية داخل الائتلاف الحاكم التي تدفع نحو نهج أكثر تشدّدًا. في المقابل، تحذّر جهات دولية ومنظمات حقوقية من أن تبنّي أساليب «شبيهة بغزة» في الضفة — بحسب توصيف بعض المراقبين — قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسيًا.
ردود الفعل المحلية والدولية متباينة: السلطة الفلسطينية أدانت التوسّع العسكري وحذّرت من تبعاته، ومجتمع دولي واحد تلو الآخر عبّر عن قلقه من الأثر المدني، بينما تواصل الحكومة الإسرائيلية تكرار تحفّظها على المخاطر الأمنية وضرورة حماية المستوطنين والحد من التهديدات المسلحة. الميدانية تُظهر بدورها أن أي توسّع طويل الأمد للقوات في القرى والمخيمات سيعني انعكاسات على الحرية في الحركة، الاقتصاد المحلي، ووصول الخدمات الأساسية للسكان المدنيين.
خلاصة: التغطية الإعلامية الإسرائيلية عن «ارتفاع مستوى التهديد» تُترجم عمليًا إلى تحركات عسكرية قابلة للتوسّع على الأرض. المؤشرات الميدانية وأرقام الإغاثة توضح أن هذا المسار يحمل احتمالًا كبيرًا لتحول طويل في طبيعة الوجود الإسرائيلي في الضفة، مع تكاليف إنسانية ملموسة ومخاطر تصاعد التوترات المحلية والإقليمية. الموقف الدولي والضغط الإنساني سيكونان عاملين حاسمين في تحديد إن كان هذا التوسع سيبقى مؤقتًا أم سيتحوّل إلى نمط طويل الأمد.