المقبرة تحت المكتب.. قصة الدجال وخدعة الكنز التي أغرت موظفين بمستوصف قنا

لم يكن بعض موظفي مكتب الصحة بدشنا يتخيلون أن خطواتهم وراء وهم "الثراء الفاحش" ستنتهي بجريمة تهز الرأي العام، بطلها شخص مجهول لا يحمل سوى صفة "الدجال"، استغل جشعهم وخوفهم من الفقر ليغرس في عقولهم فكرة أن أسفل المكتب مقبرة فرعونية تحمل كنوزًا لا حصر لها.
إغواء في أجواء المولد
بحسب التحريات الأمنية، ظهر الدجال في محيط مكتب الصحة مستغلًا أجواء مولد الشيخ جلال القريب، حيث يختلط التدين بالأساطير الشعبية، ليبدأ بث سمومه بين بعض الموظفين. أوهمهم أن الأرض تخفي سرًا عظيمًا، وأن عليهم فقط توفير "الجهد والمال" ليصبحوا بين ليلة وضحاها من أصحاب المليارات.
لم يكتفِ بوعوده الكاذبة، بل فرض نفسه مشرفًا على أعمال الحفر، يتلقى الأموال والهدايا والوجبات اليومية من الموظفين، بينما يزداد تعلقهم بحبال الوهم التي نسجها، ثم اختفى فجأة تاركًا وراءه سردابًا وحفرة عميقة وموظفين يواجهون مصيرًا مجهولًا.
معاينة النيابة تكشف المستور
النيابة الإدارية بقنا انتقلت إلى الموقع ظهر أمس السبت، برئاسة المستشار محمد كامل، وبمشاركة وكيلي النيابة أحمد عبد الحميد وأحمد نور الدين، وبحضور لجنة فنية من المحافظة.
المعاينة كشفت عن باب خشبي جانبي داخل المكتب يؤدي إلى حفرة عمقها يتجاوز 5 أمتار، يتدلى بداخلها سلم خشبي، وتنتهي بسرداب أفقي ممتد أسفل غرف المكتب بطول 6 أمتار، كما عُثر على كميات من مخلفات الحفر وأدوات وألواح خشبية، ما أكد أن الأمر لم يكن مجرد عبث عابر بل خطة منظمة استمرت أيامًا.
التحقيقات والمساءلة
النيابة العامة أمرت بحبس أربعة موظفين على ذمة التحقيقات بعد ثبوت تورطهم في التعاون مع الدجال، فيما كلفت النيابة الإدارية لجنة فنية بإعداد تقرير شامل، واستدعت مدير إدارة المراجعة الداخلية والحوكمة بمديرية الصحة بقنا لمساءلته عن أوجه القصور في الرقابة.