حلم الخطوبة انتهى برصاصة.. نهاية موجعة لراجل البيت الصغير في الهرم

 حلم الخطوبة انتهى
حلم الخطوبة انتهى برصاصة.. نهاية موجعة لراجل البيت الصغير ف

لم يكن صباح ذلك اليوم مختلفًا عن غيره، لكن القدر كان يُخفي فاجعة على وشك الوقوع. شوارع الهرم المزدحمة، أصوات التكاتك، والوجوه العابرة التي لا تعرف أن الموت يمكن أن يمر بينها في لحظة خاطفة.

في زاوية صغيرة من شارع المريوطية، توقفت عقارب الساعة على مشهد مأساوي شاب في العشرين من عمره، يحاول أن يفضّ شجارًا بين اثنين، فيسقط برصاصة في الرأس، رصاصة أنهت حياة من لم يعرف في حياته سوى كيف يعيش للآخرين.
رجل البيت الصغير

اسمه ياسر، سائق توك توك عمره عشرون عامًا. ليس مجرد شاب بسيط من أبناء المريوطية، بل كان الأب والأخ والسند لخمسة أشقاء بعد وفاة والده قبل ثماني سنوات.

منذ رحيل الأب، لم يعرف هذا الفتى طعم الراحة. يخرج كل صباح في رحلته اليومية بين الزحام والحر، يبحث عن رزقٍ حلال ليعيل أسرته، وليؤكد أن الفقر لا يسرق الشرف ولا الإنسانية.

كان بارًا بوالدته لدرجة جعلت كل من يعرفه يقول: "ده ابن بألف راجل"، لم يُرَ يومًا يرفع صوته عليها أو يتذمّر من طلب كل ما كان يتمناه أن يخطب فتاة أحلامه، لكن الحلم ظل مؤجلًا دائمًا لأن إخوته أولى.
دفع حياته ثمن شهامته

يوم الجريمة كان عاديًا جدًا، "ياسر" خرج مبكرًا كعادته يقود توك توكه الصغير بين شوارع الهرم، لا يحمل في جيبه إلا تعب السنين ورضا والدته، لكن قرب منتصف النهار، حدث ما لم يكن في الحسبان.

عند أحد الشوارع الجانبية بمنطقة المريوطية، نشبت مشاجرة عنيفة بين شابين وسائق توك توك آخر. الصوت ارتفع، الناس بدأت تتجمع، والموقف كان على وشك الانفجار، ياسر، بحسه الطيب ورغبته في تهدئة الأمور، أوقف توك توكه واقترب قائلًا: "يا جماعة حرام عليكم.. كله يتحل بالكلمة" لكن الكلمات لم تشفع له.

وسط الصراخ والتوتر، أخرج أحد المتشاجرين بندقية خرطوش من التوك توك الخاص به، وأطلق النار عشوائيًا، الرصاصة انطلقت لتخترق رأس ياسر مباشرة فسقط على الأرض وسط صدمة الجميع، بينما سال الدم على الأسفلت الذي كان منذ لحظات فقط طريقًا لرزقه.
محاولة إنقاذ متأخرة

في لحظات، هرع الأهالي نحو الجثمان، أحدهم كان شقيقه الأصغر، الذي سمع بما حدث من الجيران، ركض بلا وعي إلى المكان، وعندما رآه غارقًا في دمه، صرخ صرخة اخترقت صمت الحي.

حمله على كتفيه، وسارع بنقله إلى مستشفى الهرم على أمل أن يكون ما زال على قيد الحياة لكن الأمل انكسر عند باب الطوارئ، الأطباء أعلنوا وفاته فور وصوله. رصاصة واحدة أنهت حياة شاب لم يعرف سوى التضحية.
تحريات سريعة والعدالة تتحرك

بلاغ ورد إلى قسم شرطة الهرم عن الواقعة فانتقلت قوة من المباحث إلى مكان الحادث، وبدأت في جمع الأدلة بقيادة المقدم مصطفى الدكر رئيس المباحث ومعاونيه.

تم تفريغ كاميرات المراقبة المحيطة، وسماع أقوال شهود العيان الذين أكدوا أن ياسر لم يكن طرفًا في المشاجرة، بل حاول فقط فضّها. خلال ساعات قليلة، تم تحديد هوية الجاني - سائق توك توك - وضبطه بعد هروبه من المنطقة، وبحوزته البندقية الخرطوش المستخدمة في الجريمة.
صدمة لا تهدأ

الخبر وقع كالصاعقة على أهل المجني عليه، شاب لم يتجاوز العشرين، كان حلمه بسيطًا أن يعيش بكرامة، وأن يوفّر لقمة عيش لأمه وإخوته، أصبح الآن جثة في المشرحة. الدموع لم تفارق عيون والدته، التي ظلت تردد بصوت مبحوح: "كان بيخرج يجيب لقمة عيشنا.. رجع لي جثة".

الجيران تجمعوا أمام بيت الأسرة، في جنازة خرجت منها صرخات الوجع أكثر من الدعاء. "كان طيب.. محترم.. عمره ما أذى حد" هكذا أجمع الجميع إلا أن القدر لم يرحم قلبه الطيب، ولا عقله الذي اختار السلام بدل العنف.

مات ياسر وهو يحاول أن يكون صوت العقل، لم يكن لصًا أو جانحًا أو حتى مشاغبًا، كان فقط شابًا بسيطًا أراد أن يمنع كارثة لكن الكارثة كانت في انتظاره هو والآن يرقد جثمانه في قبر صغير.