الهدم الذاتي في القدس: عائلات تهدم بيوتها بأيديها لتنجو من الغرامات وتواجه مصير السكن المجهول
في الأسبوع الأخير تصاعدت حوادث الهدم الذاتي في أحياء القدس الشرقية، ولا سيما في العيساوية وبلدة سلوان، حيث اختارت عائلات فلسطينية هدم إضافات أو منازلها بأيديها بعدما تسلّمت أوامر هدم أو أحكامًا وغرامات مالية باهظة بدلًا من انتظار هدم قسري أو دفع مبالغ قد تُفلسها الأسرة.
الظاهرة، التي ازدادت وتيرتها خلال العامين الأخيرين، تكشف عن ضغوط متراكمة تمارسها سياسات التخطيط والإنفاذ في المدينة على السكان الفلسطينيين، وفي مقدّمها صعوبة الحصول على تراخيص البناء وغرامات تُثقل كاهل العائلات.
وثّقت وسائل إعلام محلية ومنصات ونشطاء حالة المواطن طاهر درباس من بلدة العيساوية الذي نفّذ هدم إضافة في منزله بعد تسلّمه أمر هدم من بلدية القدس، فيما نشرت صفحات ونشطاء تقارير عن عائلة في سلوان هدمت منزلها بنفسها لتجنّب دفع غرامة قيل إنها وصلت إلى نحو 80 ألف شيكل — ومثل هذه الحالات رصدتها منظمات مدنية ونشطاء توثيقًا لحالات تهرّب من دفع غرامات وإجراءات بلدية. يُنظر إلى هذه الخطوة لدى العائلات كحلّ اقتصادي قسري: هدم الملكية ذاتيًا يقلّل تكلفة العقوبة أو يمنع هدمًا قسريًا أكثر كلفة أو تشهيدًا أمنيًا.
المنظمات الحقوقية والجهات الدولية تنظر إلى هذه الظاهرة كجزء من واقع أوسع: بيانات الأمم المتحدة ومصادر إقليمية تُظهر أرقامًا مرتفعة للهدم في القدس والضفة، ونسبة كبيرة من هذه الحوادث تنتهي بهدمٍ من جانب المالكين أنفسهم تحت الضغط الإداري والمالي. تقارير منظمة مثل OCHA وأبحاث مؤسسات حقوقية تشير إلى أن تراخيص البناء للفلسطينيين في القدس شبه معدومة، وأن إجراءات الإخطار والغرامات تُؤدي عمليًا إلى فقدان السكن وتشريد العائلات.
من جهة رسمية، تؤكد بلديات وإدارات التخطيط الإسرائيلية أنها تطبق القوانين المحلية بخصوص البناء غير المرخّص وأن إصدار أوامر الهدم عملية إدارية قضائية أو تنفيذية. لكن المدافعين عن حقوق الفلسطينيين يجادلون بأن النظام التخطيطي يمنع عملًا ضمانيًا حصول الفلسطينيين على تراخيص، ما يجعل أي بناء علوي أو توسعة معرضًا دائمًا لخطر الإزالة أو الغرامة، وهذا ما يدفع الكثيرين للاختيار بين هدمٍ ذاتيّ أو عقوبات مالية باهظة. تقارير توثيقية ومنظمات حقوقية مثل LPHR وB'Tselem توصي بإجراءات شفافية ووقف سياسات الهدم التعسفية وإتاحة آليات عادلة للحصول على تراخيص.
في الخلاصة: الهدم الذاتي في العيساوية وسلوان ليس حادثًا معزولًا بل نتاج تراكم سياسات إدارية ومجتمعية تؤدي إلى خيارات قسرية أمام العائلات — هدم ملكيتها بيدها أو تحمل غرامات وعقوبات قد تتركها بلا مأوى. الأرقام والبيانات الحقوقية والدولية تطالب بضرورة معالجة جذور المشكلة: تسهيل الوصول إلى تراخيص البناء، مراجعة آليات الغرامات التنفيذية، وإشراف مستقل لتقليل حالات التشرد القسري والضغط الاجتماعي على عائلات القدس الشرقية.