انتهت بتشريده.. طالب ثانوية عامة بالإسكندرية يروي مأساته داخل دار رعاية

انتهت بتشريده.. طالب
انتهت بتشريده.. طالب ثانوية عامة بالإسكندرية يروي مأساته داخ

روى «رجائي»، طالب بالصف الثالث الثانوي، تفاصيل ما وصفه بمأساة إنسانية عاشها داخل إحدى دور الرعاية، بعدما انتهى به الحال مفترشًا الشارع، عقب إجباره على الخروج من الدار التي نُقل إليها عن طريق التضامن الاجتماعي.

وقال «رجائي» إنه كان مقيمًا في مؤسسة تُدعى «معًا لإنقاذ الإنسان»، وكانت إقامته بها مُقيدة، قبل أن يتلقى اتصالًا من التضامن الاجتماعي لإبلاغه بالانتقال إلى مؤسسة أخرى.

وأوضح أنه رفض في البداية لعدم معرفته بطبيعة المكان، لكنه وافق بعد إقناعه.

وأضاف أنه جمع متعلقاته الشخصية وكتبه الدراسية وانتقل إلى الدار الجديدة، حيث تم تسكينه مع مسنين وليس مع شباب في مثل سنه، بحجة اختلاف الأسلوب، مؤكدًا أنه لم يعترض، وتم تخصيص مكان له وكان يذاكر ويدخل ويخرج دون أي مشكلات في البداية.

وأشار إلى أنه بعد تغيير إدارة الدار، بدأت تنتشر سلوكيات خاطئة داخل المكان، من بينها تعاطي مواد ممنوعة، وهو ما لم يكن موجودًا من قبل.

ولفت إلى أن الإدارة الجديدة قررت منع جميع النزلاء من الخروج دون تفرقة، رغم كونه طالب ثانوية عامة ويحتاج الخروج لقضاء مصالحه الدراسية.

وأوضح الطالب أنه فوجئ بعد ذلك بسحب الهواتف من النزلاء بالقوة، مؤكدًا أنه لا يتلقى دروسًا بسبب ظروفه المادية، ويعتمد على المذاكرة عبر موقع «يوتيوب»، إلا أن الإدارة أصرت على سحب هاتفه، وابلغته: «عاجبك عاجبك مش عاجبك امشي»، رغم علمهم بعدم اوجود مكانًا آخر يقيم فيه أو لديه قدرة مادية على استئجار سكن.

وأكد أنه اضطر للاتصال بالنجدة، حيث حضرت قوة، وأبلغت إدارة الدار بضرورة توفير بيئة مناسبة له كطالب ثانوية عامة، مشيرًا إلى أنه كان الوحيد بالمكان الذي لا يزال في مرحلة تعليمية.

وتابع أنه في اليوم التالي حدثت مشكلة مع مدير الدار، كى يتم الضغط عليه للتوقيع على إقرار خروج، مع وعد بنقله إلى مكان آخر. وذكر أنه وقّع على الإقرار، ثم طُلب منه جمع متعلقاته، قبل أن يفاجأ بإلقاء أغراضه في الشارع والتعامل معه بأسلوب وصفه بأنه يفتقر للإنسانية والرحمة.

وتابع: إنه حاول التوسل للبقاء أيام قليلة حتى يجد مكانًا يقيم فيه، خاصة أن الواقعة حدثت خلال فصل الشتاء وكان بحوزته كتبه الدراسية، إلا أن الإدارة أصرت على إخراجه.

وأضاف أنه حاول العودة إلى التضامن للحصول على حل، لكنه أُبلغ بأن مشكلته ليست لديهم، ما دفعه لنشر فيديو استغاثة.

وأكد أنه لم يطلب أي مساعدة مادية، بل طالب بحقه فقط، قائلًا إنه دخل الدار «سليمًا» وخرج منها «مكسور النفس» وغير قادر على مواجهة الناس.

وعن حياته الأسرية، أوضح رجائي أنه نشأ مع والده وزوجة أبيه، وتعرض لمعاملة قاسية، مؤكدًا أنه لا يعرف معنى وجود الأم في حياته، موضحًا لجأ للعمل في سن مبكرة هروبًا من الإهانة، قبل أن تطرده زوجة أبيه ثم والده لاحقًا.

وأضاف أن والده أخرجه من التعليم بعد الصف الثالث الإعدادي، لكنه عاد واستكمل دراسته بمفرده، والتحق بالثانوية العامة، ونجح في الصفين الأول والثاني، وهو حاليًا في الصف الثالث.

وأشار إلى أنه كان يعمل وينفق على نفسه، بل وكان يساعد نزلاء الدار من ماله الخاص، موضحًا أنه استأجر شقة مؤقتة له، لكنه غير قادر على الاستمرار في سداد إيجارها.

وأوضح أن وزارة التضامن تواصلت وجرى توجيهه للانتقال إلى «دار المغتربين»، مع التكفل بالمصاريف وصرف مبلغ رمزي شهريًا، إضافة إلى تغطية مصروفات المدرسة، لكنه طالب في الوقت نفسه بتوفير سكن دائم، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يظل في دور الرعاية طوال حياته.

واختتم رجائي حديثه بالتأكيد على أن والديه لم يتواصلوا معه رغم انتشار الفيديو وتعاطف المواطنين، مشددًا على أنه يواجه الحياة بمفرده دون أسرة أو سند، وأن طلبه من الدولة هو «حق» وليس شفقة، مؤكدًا أنه يذاكر بجهده الذاتي، ويحلم بالالتحاق بكلية طب الأسنان، ويفخر بوصوله إلى الصف الثالث الثانوي رغم كل ما مر به.