رجلها كانت مكسورة وسيناريو الابتزاز.. مفاجآت مثيرة جديدة في جريمة فيصل المرعبة
في صباح هادئ من أواخر أكتوبر الجاري، لم يكن أحد يتخيل أن مدخل عقار صغير في منطقة اللبيني فيصل غرب الجيزة سيشهد واحدة من أفظع الجرائم التي هزت المحافظة. سيف وجنى، طفلان لم يتجاوز أكبرهما الثالثة عشرة، كانا ملقيين بجوار البوابة، عيونهم نصف مغلقة، ووجوههما تعكس صدمة ألمٍ لا يُحتمل. كان الجو متلبدًا بالغيوم، وكأن السماء نفسها حزينة على ما حدث.
الأهالي تجمعوا حول المشهد، أصواتهم خافتة، يتهامسون: "إيه اللي حصل هنا؟"، بينما كان قلب كل منهم يخفق خوفًا على براءة الأطفال.
علاقة سرية
وراء هذه المأساة قصة معقدة، بدأت منذ 3 أشهر. المتهم "أحمد" صاحب محل أدوية بيطرية، ارتبط بعلاقة غير شرعية مع امرأة تُدعى "زيزي"، ربة منزل تعمل خادمة لمساعدة زوجها "حمادة"، فرد أمن بأحد مخازن شركة بـ6 أكتوبر. زيزي كانت أمًا لثلاثة أطفال: جنى، سيف، وأصغرهم مصطفى.
كانت تحمل عبء الحياة على كتفيها، تعمل نهارًا، وتعود لتعتني بأطفالها، متحملة خلافاتها مع زوجها فطالما عانت حياة مضطربة بين العمل والالتزامات العائلية، قبل أن تتفاقم الخلافات بينها وبين زوجها، لتقرر في نهاية شهر سبتمبر الرحيل قائلة: "هروح عند أهلي".
زوجها فوجئ بغيابها هي وأولادها، حرر محضرًا في قسم الهرم بتغيبهم، دون أن يتصور أن الأحداث ستتخذ منحى مأساويًا بهذا الشكل وأن ما أقدمت عليه شريكة حياته سينتهي بكارثة لا توصف.
لحظة غيرت كل شيء
وفقًا لتحقيقات النيابة، في 21 أكتوبر داخل شقة مستأجرة كان المتهم قد أعدها بعناية، صب كوب عصير مليء بمادة سامة -سائل تنظيف بيطري يحتوي مادة كاوية وخلطها بعقار طبي- حصل عليها من محله.
صاحب الـ37 عاما قدم العصير لـ "زيزي"، وأخذ يراقبها بحذر. دقائق قليلة، وشعرت المرأة بإعياء شديد. حاولت المقاومة، حاولت الصراخ، لكن السم كان أسرع.
المتهم نقلها إلى مستشفى قصر العيني، مدعيًا أنها زوجته، وسجل بياناتها باسم مستعار، ثم تركها لتفارق الحياة وحيدة بعد 72 ساعة. كان الألم يملأ الغرفة، لكن أحدًا لم يكن يعرف أن هذا كان مجرد البداية.
الأطفال ضحايا البراءة
بعد يومين، جاء الدور على الأطفال الثلاثة. اصطحبهم المتهم للتنزه، ولكن الكابوس لم ينته بعد. في كوب عصير آخر، اختبأت نفس المادة القاتلة. سيف وجنى لم يدروا ما ينتظرهم، بينما أصغرهم رفض تناوله، فقرر المتهم التخلص منه بإلقائه في ترعة المنصورية.
الطفلان الآخران، في حالة إعياء شديد، لم يكونا قادرين على الكلام، وأُلقي بهما عند مدخل العقار بمساعدة عامل بالمحل وسائق توك توك "قاصر"، حيث عثر عليهما الأهالي لاحقًا، ليتم نقلهما إلى المستشفى، إلا أن القدر لم يترك لهما فرصة للحياة.
تضارب الروايات
رواية المتهم لم تمر دون تشكيك. جد الأطفال دافع عن أم أحفاده الثلاثة وأشاد بأخلاقها، مؤكدًا أنها كانت ملتزمة دينيا ومنتقبة، وتؤدي صلواتها في أوقاتها، وتواكب صلاة الجمعة في المسجد، وكانت حريصة على تحفيظ أطفالها القرآن.
أخت المجني عليها قالت بكلمات مؤثرة: "ربنا اللي هيبين الحق.. أختي مش كده خالص.. غلبانة واتظلمت في حياتها كتير". وأشارت إلى صعوبة حياتها، إذ كانت تعمل لمساعدة زوجها فقط، مشيرة إلى احتمالية تعرضها للابتزاز. وأضافت: "رجليها كانت متجبسة عشان مكسورة، لكنها كانت بتحاول تعدي حياتها بكل شرف".
القانون يلاحق الشر
الأجهزة الأمنية تحركت سريعًا، وضبطت المتهم وقائد التوك توك المستخدم في نقل الطفلين -قبل إخلاء سبيله- قبل أن تصطحب النيابة الجاني لتمثيل الجريمة وسط حراسة أمنية مشددة تحضيرًا لإحالته للمحاكمة الجنائية العاجلة.
وما بين التحقيقات والروايات، تتكشف مأساة لا تحتملها عقول الناس: أطفال فقدوا حياتهم بطريقة وحشية، وامرأة كانت تضحي من أجل أسرتها تنتهي مأساتها في لحظة من السموم والخداع.
عقار اللبيني أصبح شاهدًا على مأساة، تذكيرًا بأن خلف كل خبر صادم، هناك أرواح فقدت الأمان والطفولة، وأهل سيبقون صامتين أمام فقدان من أحبوا.