< رعـ ـب على ضفاف الإبراهيمية.. حكاية أسرة خرجت ولم يعد منها سوى جثـ ـتين
 صورة لايف
رئيس التحرير

رعـ ـب على ضفاف الإبراهيمية.. حكاية أسرة خرجت ولم يعد منها سوى جثـ ـتين

رعـ ـب على ضفاف الإبراهيمية..
رعـ ـب على ضفاف الإبراهيمية.. حكاية أسرة خرجت ولم يعد منها س

ليلتان بلا نوم عاشهما أهالي مركز ديروط بمحافظة أسيوط رجال ونساء وأطفال يقفون على حافة الترعة الإبراهيمية، ينظرون إلى القاع بخيط من الأمل، وينادون أسماء ثلاثة أطفال لا يسمعهم أحد:" مروان.. ياسين.. مكة " الصغار الثلاثة.. هنا على هذا المجرى المائي الصامت يكتب فصل جديد من مأساة هزت قلوب الأهالي في محافظة أسيوط وينتظرون فك غموض اللغز.. أين الصغار؟

أب وأطفاله الأربعة اختفوا في صمت

قبل أيام قليلة غادر محمد رشاد، مسئول أمن بمستشفى ديروط المركزي، منزله بعد مشادة مع زوجته بصحبة أولاده الأربعة: ريناد 13 عامًا، مروان 10 أعوام، ياسين 5 أعوام، ومكة 5 أعوام ولم يخبر أحدًا إلى أين يذهب، ولم يتوقع أقرب الناس إليه أن تكون تلك الرحلة هي الأخيرة كما تركت الزوجة منزلهم وذهبت الى منزل ابيها ولم تكن تدري انه كان الوداع الأخير بينهم.

مرت الساعات ثقيلة، والهواتف صامتة، والوجوه يكسوها القلق. الأم تبحث عن صغارها تتخيل ضحكاتهم التي كانت تهز اركان المنزل، والأسرة تبحث لكن بلا أثر.

صورة طفلة تضج بها مواقع التواصل

في مساء الثلاثاء الماضي، انقلب كل شيء ظهرت صورة " ريناد " الطفلة الهادئة صاحبة الـ13 عامًا ــ على مواقع التواصل، بعد العثور عليها متوفاة غرقًا في الترعة الإبراهيمية بمركز سمالوط بمحافظة المنيا لم يصدق أحد كيف لطفلة خرجت مع والدها قبل أيام أن تنتهي هنا، وحدها، في مجرى مائي على بعد عشرات الكيلومترات من بيتها؟

بعد ساعات قليلة، كانت الصدمة الثانية عثر الأهالي على جثمان الأب محمد رشاد في الترعة نفسها، ولكن بمنطقة أبوقرقاص بمحافظة المنيا وتم انتشالهما ونقلهما الى مشرحتي مستشفى سمالوط المركزي وأبوقرقاص

ثلاثة أطفال بلا أثر

منذ تلك اللحظة، أصبح سؤال أهالي ديروط واحدًا "أين مروان وياسين ومكة؟" هل سقطوا في الترعة مع والدهم وشقيقتهم؟ هل هم في مكان آخر؟ هل ما زال هناك أمل؟.. أسئلة تنهش القلوب ولا يملك أحد إجابة لها سوى مياه الترعة الابراهيمية وفرق البحث المنتشرة على ضفتيها منذ الساعات الأولى تبحث عن الصغار.

رسالة الوداع

وقبل ان يرحل الاب بايام ترك كلمات موجعه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك كتب آخر ما يشبه الوداع: هنّأ ابنه مروان بعد فوزه في مسابقة فنية بالمدرسة، وكتب له: "ألف مبروك يا ابني على التفوق" جملة بسيطة، لكنها اليوم تقرأ كرسالة وداع مؤلمة.. كأنها كانت آخر ما استطاع الأب تقديمه لابنه.

انتظار موجع أمام المشرحتين

أمام مشرحتَي سمالوط وأبوقرقاص، تجمع العشرات من أقارب الأسرة وأهالي مركز ديروط وجوه يعصرها الألم، دموع محبوسة،الجميع ينتظر تصريح الدفن، والجميع ينتظر خبرًا صغيرًا يرشدهم إلى مكان الأطفال الثلاثة.

في أسيوط كما في المنيا، تبحث الأجهزة الأمنية، ويواصل الأهالي البحث على ضفاف الترعة ليلًا ونهارًا.. لا أحد يريد الاستسلام على أمل العثور على الصغار الثلاثة.