محمد آيت علو يكتب..مسافة إبداعية جديدة "هزةُ كتف تكفيك"

محمد آيت علو
محمد آيت علو

لا أحد يختارُ قَدرهُ، كما يختارُ حكَمهُ، مثلما أنه لا أحد يفهمُ نفسه، فبالأحرى أن يفهم الآخرين... من هذا المنطلق أجدني مرغما على أن أجد أعذاراً للآخرين قبل أن أجدها لنفسي، ذلك أن هناك أشياء كثيرة في هذه الحياة لا يستطيعُ المرء أن يجد لها تفسيراً، فبالأحرى أن يقنع بها الآخرين، كثيراً ما أسألُ نفسي لماذا أنا بالذات؟ فأغدو مبتسماً ابتسامةَ تائه، فيها التوددُ والسخريةُ، أوالتواضعُ والكبرياء أو خالية من أي تعبير، وتبدو ابتسامة على أي حال، إنني لاأعرفُ لماذا أنا بالذات..؟ ولماذا أبتسم..؟ فأهز كتفي كمن يتحلل من كل شيء، وكمن يريدُ أن يرتاح، فزمنُ الصبا ولى وراح، وزمان الأماني واللهو واللعب صارَ إلى سراب، وقد راعـني ما تصنع الأيام بالأعمار، وصرت لا أملك سوى هـذا الحاضر، وأخشى على خطاي فزمان الجد لاح، لأزهد في وتري، ولأضع أقنعتي وأقـفز من غفلتي ونومي، وأجمع حقائبي، قبل أن تكبر الخسائر والجراح، وألُفَّ أمتعتي، وأسير في وضوح، إن شئت أن أنسى نسيت أوتناسيت، لأمتلأ بحاضري، ولقدعزمت، اخترت وشمرت، لأنتقي بدايتي، على أن غـدي سيبدأ الآن، ولن أعود كما كنت، الماضي ذهب إلى الماضي سريعا..وأوراقي تتساقط اتباعا ولن أبالي بشيء، إذ أهز كتفي فمصائبي تكفيني... !؟
********
تَسْكُنُكَ رغبة جامحة في الصراخ والصياح والعويل، تنتابك حالة وهالة من الدعر والهستيريا في هذا الواقع الذي يزدادُ رُعباً وقُبحاً، حتى تنهار ما على صَدْرِك من طبقاتِ الخُنُـوعِ والـذُّلِّ والْـهَمِّ والاسْتِـكان،والكَمدِ والألَمِ،والتوجُّسِ والحيطة،والقلق والانْقِباضِ...، لينطلق قلبك من صدرك حرا، يطيرإلى أجواء النسور،ويحلق بكرامة واعتدال واستقامة، أنت حتما لا تريد أن تكون ماءً بين أيدي الآخرين،لاطعم ولا لون ولا رائِحَةَ لك!بل ولا رَاحَةَ لك ؟!
مع ذلك،أنت تحرص وبشيء من المدارَاةِ،أن تغرس أشجار الصبر في كل ساحة،قلبك الكبير إنتظر على أحـرٍّمنَ الجَمرِ إنتظاراً طويلاً،ثقيلاً مؤرقاً،وقد تأجَّجَتِ المشاعرُ لِتَنْفُث في انسياب، وتفرغ كل ما في القلب من وجع وفزع وولع،كم قرأت وسمعت ورأيت،وعرفت ما لم تكن تعرف،وأدركت ما كان أمام عينيـك ولاتَراهُ،حـالماً وسـاذجاً أحـيانا أخرى،تَـحْتَجُّ بلا ضجيج، تصدع أركان قرارك،تتدفقُ تنسابُ وتنهار، وأنت تُنادي بلا حنجرة، نداءاتك تَتَلاشَى في أعماقِك..، تشدك إلى الأرض،يقفزُ القلبُ منك، يسبقُكَوبكل كبرياء....،بكل ما أوتي من قوة يهتز، فهزة كتف تكفيك... !؟
********
وحين تداهمك العُزلةُ في الداخل أو في الخارج،وكأنك من العابرين السُّراة ليلا،وقداختفوا في أوَّل جُنْحِ الظلام معالمطروالضبابِ الكثيفِ،أوحين تعيشُ إغـتراباً مُتعدداً،وحين تؤرقكَ الوحدةُ والغربةُ التي تجتاحُـكَ وتحْياها،وكأن ليس لكَ عنها مهْـرب!تصرخ في عزلتك،ربما ضاقت الأرض،وحين تحس بأنك غريبٌ أينما حللت،تدورفي صخب الذَّهابِ السَّريعِ من مكان إلى مكان،غربة تِلْوَأُخرى،وقدضاقت أبوابك ودروبك وملاعبك في آمال وأحلام مشردة...وتصيرُ صفراً خالي الوفاض، تقابلُ الضحكات الصفراء، ثم تحيا صخباً، وتضيقُمنحيرة وعيون الأسئلة الصادمة، التي تستفسرُ عن رحيلك، تنشبُ في قلبك آلاف العواصف، والكل يصخب، متى يا ترى رحيلُه؟وتُرمى بلا ضجيج، بلا ابتسامة، وينكركَ الأهلُ والزمان، وتجدُ أنَّ من عاش مثلك لن تحفل به الدنيا، ويغمركَ النسيان، ولن يذكره إنسان، سوى مد اللسان، وحينَ تسلم نفسك للنسيان،. فهزةُ كتف تكفيك.. !؟
********
عندما تحسُّ أنَّ ضجيجاً بصدركَ، وكأنكَ عاجزٌ عن البوح بما تعيشهُ من ضيق، كما لو أنك تعيشُ قصة عميقة في حياتك..الق نفسك على كُرسي بجانب البحر واسترحْ قليلاً، حتى تنسلخْ عن هذا الزمان المسعور، وارتشف قطرانك، فهي عندما تمطر فلن تتوقف، فإنَّ الفواجع لا تأتي فُرادى، وأنت لستَ مجبراً على أن تقف في أحسن الأوضاع لتؤخذ لك لقطة جميلة...واعلم بأنك حر، فهذه الوضعيةٌ الوحيدة حينَ تكون،كما كانت ولادتك، ولا تربط نفسك بأحد، فلستَ أحداً من أحَد...،وَلْتُغَيّر أسئلتَك باسْتمْرَار!؟ ولا تَسأل:مَتى اللقَاءُ، ولا مَتى الوَداع؟ فهزةُ كتف تَكفيك!؟.