مقتل سعيد ايزيدي يقطع التمويل الايراني لحماس

مقتل سعيد ايزيدي
مقتل سعيد ايزيدي يقطع التمويل الايراني لحماس

في إطار تكثيف حملة الاغتيالات والاستهداف الدقيق التي تنفذها إسرائيل ضد قيادات إيرانية بارزة، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيلي كاتس فجر اليوم، السبت 21 يونيو 2025، عن مقتل سعيد إيزادي، القائد الرفيع المستوى في فيلق القدس الإيراني، في مدينة قم بإيران خلال عملية جوية استهدفته ليل أمس. 

وقال كاتس إن الضربة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي استهدفت شقة سكنية استخدمها إيزادي، المعروف بلقب “حاج رمضان”، مؤكدًا أن العملية تمثل نجاحًا استخباريًا وعسكريًا كبيرين لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والقوة الجوية التابعة للجيش الإسرائيلي.

سعيد إيزادي (من مواليد 1964 – توفي 21 يونيو 2025)، كان يشغل منصب قائد “الفرع الفلسطيني” في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهو الجناح المكلف بإدارة عمليات نقل التمويل والأسلحة إلى حماس والجهاد الإسلامي والمجموعات الأخرى في فلسطين. 

وذكرت تقارير غربية أن إيزادي كان مسؤولًا عن تحويل مئات الملايين من الدولارات من إيران إلى الأنفاق التنظيمية لحركة حماس، إضافةً إلى تزويدها بصواريخ مضادة للدبابات وطائرات مسيّرة انتحارية، ما جعله هدفًا أساسيًا للاستخبارات الإسرائيلية بعد هجمات 7 أكتوبر 2023.

تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة عمليات اغتيال مماثلة استهدفت خلال الأيام الأخيرة قادة إيرانيين في مواقع متعددة داخل إيران. فقد شنت إسرائيل الأسبوع الماضي عدة غارات جوية داخل المدن الإيرانية، أدت إلى مقتل قائد آخر فيلق القدس، بنهام شرياري، أثناء استهداف سيارته غربي طهران، وقد نُسب إليه دور رئيسي في إدارة عمليات تسليح حزب الله الحوثيين أيضًا. 

وترمي هذه العمليات إلى تفكيك ما تُسميه إسرائيل “محور المقاومة” وتوجيه ضربة إستراتيجية للشبكات التي تمولها طهران في المنطقة.

من جانبها، لم تصدر أية إعلانات رسمية من الحرس الثوري الإيراني حول مقتل إيزادي حتى اللحظة، في حين نشر الإعلام الرسمي الإيراني أخبارًا عامة عن تصدّي الدفاعات الجوية لصواريخ إسرائيلية في عدة محافظات، دون تأكيد نسبة أي ضحية من القادة المسلحين. 

لكن وسائل إعلام إيرانية نصف رسمية أوردت إشاعات عن وقوع انفجارات في قم وإصفهان، وأشارت إلى أن الحادث خلّف أضرارًا مادية محدودة دون ذكر تفاصيل عن القتلى أو الجرحى في صفوف الحرس الثوري.

يمثل اغتيال إيزادي ضربة معنوية لقيادة حركة حماس التي تجد نفسها معزولة عن الشريان المالي الإيراني بشكل كبير، إذ تكشف هذه العملية عن قدرة إسرائيل على اختراق عميق لشبكات الدعم الإيرانية خارج حدود إسرائيل. ويقول محللون دراسات الشرق الأوسط إن قطع هذا الرابط المالي يفاقم المشاكل الاقتصادية والتنظيمية للحركة، التي تعاني أصلًا من تراجع الموارد بعد النزاعات المتكررة في غزة وحصار إسرائيلي-مصري متصاعد.

وعلى الصعيد الميداني، من المرجح أن تتراجع وتيرة الهجمات الصاروخية التي تنظمها حماس ضد الداخل الإسرائيلي، لا سيما وأن إيزادي كان المشرف الرئيسي على تنسيق وصول الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى عبر طرق تمتد من إيران مرورًا بسوريا ولبنان إلى غزة. وتقول تقديرات استخباراتية إن إيران قد تستغرق عدة أشهر على الأقل لإعادة بناء هذا الجسر اللوجستي، وقد تضطر لتحويل جزء من التمويل من قنوات رسمية إلى طرق سرية أكثر تكلفة وأقل فعالية.

على الصعيد الدبلوماسي، أثار مقتل إيزادي استياءً في طهران، حيث هددت وزارة الخارجية الإيرانية برد فعل يطال أهدافًا إسرائيلية في العمق، فيما قد تتحرك تركيا وروسيا لوساطة دبلوماسية لتجنب انفجار الأزمة إلى مواجهة أوسع تشمل الرد الصاروخي المباشر من إيران، وهو ما قد يجرّ المنطقة إلى مواجهة مفتوحة. 

غير أن المواجهة المباشرة تبدو معقدة، إذ تخشى طهران من التصعيد الذي قد يستدعي إشراك الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر، خاصة مع وجود قواعد أمريكية في دول الخليج وقربها من إيران.

في نهاية المطاف، تؤكد الضربة التي قضت على سعيد إيزادي أن إسرائيل مستمرة في سياسة الاغتيالات الاستباقية للحد من تهديداتها الأمنية، وفي الوقت ذاته تترك حركة حماس تواجه أزمة مالية وتنظيمية حادة. 

تبقى الأنظار متوجّهة إلى طهران لمعرفة مستوى ردّ الفعل وحجم التضحية الذي قد تبذله في سبيل الحفاظ على شبكاتها الخارجية، وسط ترقب دولي لامتصاص مزيد من التصعيد ومنع انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة أكثر دولية ودموية.