صرخة تحت الركام: سكان غزة يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار وبناء الأمل

في صباحٍ آخر تخيّم عليه الدمارُ والركام، ينهض سكان غزة من قلب المعاناة، حاملين في صدورهم أملَ انتهاء الحرب وبدء صفحةٍ جديدة من الحياة. أكثر من 58،000 شهيدٍ فلسطيني قضوا منذ بداية التصعيد الأخير، بينهم أطفالٌ ونساءٌ امتلأت أرواحهم برائحة الرصاص والدخان، فيما نزح نحو 1.4 مليون إنسانٍ عن بيوتهم بعد أن باتت نصفها مهدمة أو غير صالحة للسكن.
يحتشد الرجال والنساء أمام مراكز الإغاثة بسائر محافظات القطاع، ينشدون وقفًا فوريًا لإطلاق النار يضمن لهم حق الحياة الآمنة، ويمنحهم فسحةً لاستعادة ما تبقّى من أملٍ في المستقبل.
تقول السيدة مريم (أم لخمسة أطفالٍ من خانيونس):“أكثر ما نريده الآن هو أن يعود صوت الضحكات لطفلنا الصغير… لم يعد صوت الألعاب يتردد في شوارعنا، بل دويّ القذائف والدموع التي لا تتوقّف”.
وسط هذا المناخ القاتم، ثمة حراكٌ شعبيّ متواصل؛ مظاهرات صغيرة تنظمها العائلات المقهورة أمام مبنى الصليب الأحمر في غزة، ورسائل استغاثة تُرفع إلى الوسطاء الدوليين في قطر ومصر والولايات المتحدة، تطالبهم بضمان ممرٍ آمنٍ للمساعدات الإنسانية وخطواتٍ فورية نحو اتفاقٍ يوقف آلة الحرب.
من الناحية اللوجستية، تم تدمير 42% من البنى التحتية السكنية والصحية والتعليمية منذ أكتوبر 2023، إضافةً إلى تضرّر 75% من شبكات المياه والكهرباء بشكلٍ شبه كامل.
المهندسون والكوادر الطبية باتوا يعملون تحت ضغطٍ لا يوصف: “لا نمتلك الوقت لترميم أبسط خطوط المياه، فما بالك بالمستشفيات التي تنهار فوق رؤوس مرضانا!” هكذا روت الدكتورة ليلى، المسؤولة عن أحد المستشفيات الميدانية المؤقتة في غزة.
والأرقام لا تكذب: في الأيام السبعة الماضية وحدها، سجلت فرق الإغاثة توزيع أكثر من 1200 طنٍّ من المساعدات الغذائية، وفتحَت 27 نقطةً طبية لمعالجة الإصابات. غير أنّ هذه الجهود تقف على حافة الانهيار، ما لم تصاحبها آليات حمايةٍ فعّالة تُبعد خطر القصف عن المدنيين عند مراكز التوزيع ونقاط العلاج.
يعيش نحو 2.3 مليون نسمة تحت حصارٍ خانقٍ منذ مارس الماضي، بلا كهرباءٍ تكفي لتشغيل أجهزة تنفسٍ صناعي أو مضخات حقن الأدوية للمرضى المزمنين، ولا مياه شربٍ صالحةٍ تزيد على ساعتين في اليوم.
تحت هذه الظروف، يتساءل الكثيرون: إلى متى سيبقى الأمل حبيس الانتظار؟
ينادي الأهالي اليوم باتفاقٍ متكامل يُوقف إطلاق النار ويبيح للشاحنات المرور دون قيود، ليبدأ سريعًا عمل إعادة الإعمار. يرون في “المدينة الإنسانية” الأمريكية المقترحة ملاذًا مؤقتًا يتسع لـ600،000 نازح، شرط ألا تتحول إلى سياسة تهجيرٍ دائمة تحت غطاء الإغاثة.
وفي الختام، تشتدّ أصوات سكان غزة في مناشدتهم للمجتمع الدولي والحكومات الفاعلة:
“امنحونا فرصة للحياة… أوقفوا هذا الجنون، واجعلوا من إعادة الإعمار نبراسًا لأملٍ جديدٍ يضيء دروب أطفالنا المحطمة”.
إن تجسيد هذا الأمل اليوم يقتضي إقرار وقف عالمي لإطلاق النار، يليه فورًا فتح ممراتٍ إنسانية وزخمٌ دوليٌّ لإعادة بناء ما أُفني من بيوتٍ ومستشفيات ومدارس، لتعود غزة إلى قلبٍ ينبض بالحياة والحرية.