خرطوم الموت.. مأساة ياسمين التي رفضت أمها فقتلها أبوها في العصايد

أمسك بالخرطوم، وعيناه تضجان بالغضب، وانهال على جسد ابنته ضربًا بزعم "تأديبها". سقطت أمامه، رأسها تنزف، لا تنطق، لا تبكي، لا تقاوم. وعندما ارتفع صوت أذان الفجر، ألقى بالخرطوم جانبًا، وغادر لأداء الصلاة، ثم عاد لمصالحتها، لكنها كانت قد فارقت الحياة. راح يصرخ، يستغيث، يستنجد، قبل أن يحاول الانتحار.
الضحية تُدعى "ياسمين أ."، 17 عامًا، عُرفت بين أهل قريتها بجمالها الهادئ، وخجلها، وتمسكها الشديد بوالدها.
بدأت الحكاية قبل 18 عامًا، حين تزوج "أحمد س."، جامع خردة، بسيدة من إحدى قرى مركز أبو حماد جنوب محافظة الشرقية، ورُزق بأربعة أبناء، أكبرهم ياسمين، عاشوا جميعًا في مسكن متواضع بقرية العصايد التابعة لمركز ديرب نجم.
قبل 6 سنوات، بدأت المشاكل تعرف طريق الأسرة، فتركت الأم المسكن وانتقلت للعيش في منزل والدها، واصطحبت أطفالها، وأقامت دعوى خُلع.
لكن ياسمين، وكان عمرها آنذاك 11 عامًا فقط، أبت أن تترك والدها يعيش وحيدًا، وأصرّت على البقاء معه، رافضة فراقه، وشاركت في عمله الشاق بجمع الخردة.
مرت السنوات ثقيلة، حتى تقدم لخطبتها عدد من شباب القرية، بينهم شقيق صديقتها، لكنها اختارت ابن خالها، وتمت الخطبة قبل عام، واتفقوا على عقد القران عقب انتهاء الثانوية العامة.
ظهر الإثنين الماضي، خرجت ياسمين لشراء احتياجات المنزل من سوق القرية، وهناك التقت صديقتها التي كانت قد استدانت منها 100 جنيه. وبعد انتهائهما من التسوق، ذهبت ياسمين رفقة صديقتها إلى منزل الأخيرة لاسترداد المبلغ.
تصادف أن شاهدها خطيبها وهي تخرج من بيت الصديقة، والذي يسكن فيه أيضًا الشاب الذي كانت قد رفضته سابقًا. غضب خطيبها الحالي، وسارع بإبلاغ والدها: "بنتك كانت عند بيت فلانة، وأخوها اللي كان بيحبها زمان موجود".
استشاط الأب غضبًا. عند عودته من عمله مساء الإثنين، لم يسأل ابنته، لم يتحقق، فقط صرخ: "بتزعّلي خطيبك ليه؟"، ثم انقض عليها ضربًا بالخرطوم. لكن الخرطوم كان به طرف معدني حاد، فأصاب رأس ياسمين بضربة واحدة، فسقطت على الأرض عاجزة عن النطق أو الحركة.
ومع ارتفاع أذان الفجر من مسجد القرية، ترك الأب ابنته وذهب للصلاة، ربما باحثًا عن طمأنينة، لكنه لم يكن يعلم أن عودته ستكون إلى جثة فتاة رفضت أمها لتبقى معه.
كانت الفتاة ممدة في صالة الشقة. اقترب الأب منها، انحنى، لمس وجهها البارد، هزّها دون أي رد.
صرخات الأب اخترقت صمت القرية، ركض إلى الشارع، استنجد بالجيران، بأهله، لعله يسعفها، لكن الأطباء أكدوا وفاتها.
دخل غرفته، أغلق الباب، وحاول خنق نفسه بشال، لكن الجيران تدخلوا في الوقت المناسب. نُقلت الفتاة إلى المستشفى لمحاولة إسعافها، لكنها فارقت الحياة.
أُبلغت أجهزة الأمن، وانتقلت على الفور، وتمكنت من ضبط الأب، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة دون قصد، مؤكّدًا أنه كان يؤدب ابنته.
تحرر المحضر اللازم، وتولت النيابة العامة التحقيق، وصرّحت بدفن الجثة، كما قررت حبس الأب 4 أيام على ذمة التحقيقات.