الفرصة الأخيرة.. تحذيرات من «احتلال كامل لغزة» حال إصرار حماس على موقفها

تشهد الساعات والأيام الأخيرة تصاعدًا في لغة الخطر حول مستقبل قطاع غزة: تصريحات إسرائيلية رسمية توحي بأن خيار «السيطرة العسكرية الكاملة» على القطاع أصبح مطروحًا على الطاولة إذا لم توقع قيادة حماس على اتفاق يُنهي التوتر فورًا. قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مقابلة وتصريحات علنية إنه يهدف إلى تولي إسرائيل السيطرة العسكرية على كامل غزة في حال فشل المسار السياسي.
الخلفية التي تجعل هذا التهديد قابلًا للاستخدام سياسيًا وعسكريًا معقّدة. في يناير 2025 توصلت وساطات دولية (قطر ومصر والولايات المتحدة) إلى اتفاق تهدئة متعدد المراحل دخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، ونصّ في مراحله الأولى على تبادل للأسرى ومرحلة من الانسحاب الجزئي للجيش الإسرائيلي وفتحٍ أكبر للمساعدات الإنسانية. لكن الاتفاق لم يتناول بدقة إدارة غزة المستقبلية وآليات الحوكمة بعد أي اتفاق نهائي، ما ترك ثغرات تفسيرية واستراتيجية.
من الناحية العملية والسياسية، ثمة عدة نقاط يجب أخذها في الاعتبار قبل اعتبار التهديد بسيطًا أو مرتبطًا بقرار فوري على الأرض.
أولًا، احتلال غزة بالكامل سيواجه تحديات لوجستية وأمنية ضخمة: السكان المكتظون، البنية التحتية المدمرة، واحتمالات تحوّل الحملة إلى حرب عصابات طويلة الأمد. خبراء وسياسيون إقليميون ودوليون حذروا من أن احتلالًا دائمًا أو طويل الأمد قد يحمّل إسرائيل ثمنًا عسكريًا وسياسيًا باهظًا، ويؤدي إلى عنف مستمر وتداعيات دبلوماسية وإغاثية.
ثانيًا، هناك عناصر داخلية إسرائيلية متباينة: أجنحة سياسية يمينية تدفع باتجاه خطوات عسكرية واسعة، بينما يعبّر ضباط عسكريون ومجموعات ضغط أخرى عن قلقهم من تبعات تولي مسؤولية إدارة مدنية واسعة في غزة. كما أن عائلات الرهائن والضغط الداخلي يشكلان عاملَين سياسيين حاسمين قد يدفعان الحكومة إما نحو تشديد العمل العسكري أو تحفيزها على سعي لحل تفاوضي قد يخفف التوتر.
ثالثًا، على مستوى التفاوض، هناك إشارات متفرقة إلى أن حماس لم تعطي مؤشرات إيجابية تجاه مقترحات وساطة، بينما تشدد إسرائيل على شروط أمنية وملفات أسرى محددة قبل أي تخفيف حقيقي للعمليات.
مصادر إعلامية تحدثت أخيرًا عن بروز مبادرات تُقترح فيها مراحل متعاقبة لإطلاق الأسرى مقابل خطوات عملية من الإسرائيليين، وهو ما يبقي نافذة للتفاهمات المفتوحة رغم لهجة التهديد.
ما يعنيه ذلك على الأرض للمواطنين في غزة واضح ومُخيف: أي تصعيد شامل أو احتلال أوسع سيزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية - نقص الغذاء والدواء والمأوى - ويعرقل إيصال المساعدات، ويجعل قرار العودة إلى التهدئة أو التفاوض أكثر تعقيدًا. من هنا تزداد الدعوات الدولية للضغط على الأطراف لتجميد أي خطوات عسكرية شاملة والسير مجددًا في مسار الوساطة مع ضمان آليات واضحة لإدارة ما بعد النزاع. ([الجارديان][4]، [فرانس 24][6])
التحذيرات من «احتلال كامل لغزة» ليست كلامًا بلا أساس لكنها أيضًا ليست إعلانَ نصر حتميًا؛ هي حصيلة توازنات داخلية إسرائيلية، معادلات قوى إقليمية ودولية، ومدى استعداد طرفي النزاع (وخاصة حماس) للمضي في اتفاقات تضمن شروطًا لوقف دائم وشروطًا لضمان حياة المدنيين وملف الأسرى. في هذا المشهد، يبقى الحلّ الأقرب إلى تفادي احتلال شامل هو الضغط المتزامن على مسارات الوساطة وتقديم ضمانات قابلة للقياس تُبقي الطرفين في مربع تفاوضي يحدّ من خيار العسكرة الشامل.
وعلى جانب آخر تشهد الأوضاع الإنسانية فى القطاع المحاصر تدهورا مستمرا، إذ سجلت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد ١٠٠ فلسطينى وإصابة ٦٠٢ آخرين خلال الساعات الماضية، تأتى التهديدات الإسرائيلية باحتلال القطاع وسط توقعات بأنها جزء من عملية تكتيكية يقودها نتنياهو داخليا محاولة لإرضاء وزراء اليمين المتطرف من جانب، وخارجيا لنقل رسائل إلى حماس والفصائل الفلسطينية لإعادتها للمفاوضات وتحريكها من جديد.
وعلى صعيد المفاوضات، أكد عضو المكتب السياسى لحركة حماس، الدكتور باسم نعيم، فى تصريحات صحفية، أن الحركة «تأخذ التهديدات الإسرائيلية بكل جدية»، مشيرا إلى أن «الاحتلال دخل كل شبر فى قطاع غزة على مدار ٢٢ شهرا، وفشل فى تحقيق أى من أهدافه».
ومتسائلا: ماذا سيفعل أكثر من ذلك إلا مزيدا من القتل والتجويع والتدمير، مؤكدا أن القطاع فعليا تحت السيطرة الكاملة للاحتلال برا وبحرا وجوا.
وأكد «نعيم» عدم وجود تواصل لاستئناف المحادثات حتى الآن، مشيرا إلى أن حماس سلمت ردها منذ أسبوعين للوسطاء ولا تزال تنتظر ردا رسميا من الاحتلال عبر الوسطاء.
وأضاف أن حركته «أبلغت الوسطاء بعدم جدوى التفاوض فى ظل المجاعة والموت الذى يفرضه الاحتلال على شعبنا فى قطاع غزة».