صفقة للنجاة.. كيف يمكن لموافقة حماس أن توقف نزيف غزة؟

صفقة للنجاة.. كيف
صفقة للنجاة.. كيف يمكن لموافقة حماس أن توقف نزيف غزة؟

يتردد في أزقة مدينة غزة ومخيماتها صوت واحد هذه الأيام: «الصفقة الأخيرة قد تكون نافذة النجاة». يقدم القادة الدبلوماسيون خطة متعددة البنود تقترح وقف إطلاق نار فوريًا، تبادل أسرى، وانسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية مقابل نزع سلاحٍ لحماس، وهو ما اعتبره داعمو الصفقة مخرجًا لإنهاء دوامة الدمار الدموية في القطاع. 

في المقابل، تبدو حركة حماس مترددة وتدرس الاقتراح تحت ضغط دولي وإقليمي متصاعد، بينما يحاول الوسطاء تأمين ضمانات ملموسة لتنفيذ بنود إعادة الإعمار والحمائية الأمنية للسكان. المفاوضات دخلت مرحلة حرجة مع مؤشرات أن موعد الرد قد يكون قصيرًا، ما يزيد من حدة الترقب لدى المدنيين.

على الأرض، يصف سكان غزة الحالة بأنها «نزيف يومي متواصل»: أحياء مدمرة، خدمات مشلولة، وأجيال شابة فقدت الأمل. المنظمات الإنسانية تحذر من أزمة إنسانية متفاقمة وتقول إن أي هدنة قابلة للتنفيذ ستمنح فرق الإغاثة مساحة لتوصيل مياه وغذاء ودواء لملايين المحاصرين. لهذا السبب يرى البعض أن قبول الصفقة ليس مجرد ترتيبات سياسية بل «خيار حياة أو موت» لأهل القطاع. 

قبول حماس بالصفقة الأخيرة يحمل في طيّاته معاني إنسانية ملموسة قد تغيّر مصير شعب غزة. الاقتراح الذي طرحته إدارة الولايات المتحدة —ويحمل بنودًا رئيسية مثل وقف إطلاق النار الفوري، تبادل أسرى، انسحاب إسرائيلي مرحلي، ونزع سلاح حماس مع إدارة مؤقتة دولية— يُنظر إليه من قبل الوسطاء والدول الإقليمية كإطار عملي لإنهاء دائرة الدمار.

أول أثر فوري لرفض أو قبول كهذا هو وقف النار: هدنة فعلية تُفتح بموجبها الممرات الإنسانية، وتسمح لمنظمات الإغاثة بتوصيل المياه، الغذاء والأدوية، ونشر فرق طبية واستشفائية إلى مناطق محاصرة. الخبرة السابقة أظهرت أن وقفًا مؤقتًا أتاح خلاله العاملون الإنسانيون تنفيذ استجابات سريعة وساعد في إنقاذ أرواح كانت على حافة الانهيار. هذا الأمر لا يظل قانونًا أو بروتوكوليًا —بل حياة أو موت لعائلات فقدت مأواها ومحاصيلها وطعامها. 

ثانيًا، الصفقة تقترن بآليات لتبادل الأسرى والرهائن وإجراءات لإطلاق برامج إعادة إعمار منظمة. بالنسبة لأهالي غزة، هذا يعني فرصة حقيقية لوقف نزيف الدم وبدء إعادة تأهيل البنى التحتية المدمرة: مياه، كهرباء، مستشفيات ومدارس — وهي عناصر أساسية لعودة الحياة إلى طبيعتها وأمل للأجيال القادمة. التقنين الحالي وسنوات من الحصار والقتال جعلت من مجرد حصول الأسر على الدواء أو الوصول إلى المستشفى معجزة يومية. 

ثالثًا، الدور الإقليمي والوساطة مستمرة: مصر وقطر وتركيا تعمل معًا لإقناع حماس بأن القبول ليس تنازلًا عن حقّ الشعب، بل خيار عملي لإنقاذ المدنيين من مزيد من المعاناة. حماس من جانبها تدرس العرض «بحسن نية» وفق وسطاء إقليميين، ما يجعل قرارها حاسمًا في الساعات القادمة. قبولها سيُقرأ داخل غزة كوقفة مسؤولية تاريخية لإنقاذ المدنيين، ورفضها قد يعني استمرار القتال وتفاقم الكارثة الإنسانية. 

 الأمل لدى معظم الأهالي بسيط وواضح: وقف الدم والبدء في إعادة بناء ما تبقى من حياة. بالنسبة إلى كثيرين، تصبح الصفقة الأخيرة —حتى مع أوجه القصور— فرصة نادرة لإنقاذ شعب عانى طويلًا ويريد العودة لعيشة كريمة وبلا رعب.

 بالنسبة للأهالي في غزة، القضية ليست حسابًا سياسيًا بحتًا، بل اختبارٌ إنساني—هل تُقدّم قيادة الحركة مصلحة الشعب فوق كل اعتبار؟ قبول الصفقة، حتى مع تحفظات على بعض بنودها، يُعتبر من منظور أهالي غزة خيارًا عمليًا لإنهاء الدمار، إبعاد المزيد من الموت عن الأطفال وكبار السن، وإتاحة فرصة حقيقية لإعادة البناء والكرامة الإنسانية.