القبلة الأخيرة.. التفاصيل الكاملة ليوم جريمة المنشار في الإسماعيلية من الوداع إلى المشرحة
"بابا.. لا إله إلا الله"، كانت هذه آخر كلمات نطق بها الطفل "محمد" وهو يطبع قبلة على خد أبيه قبل الذهاب إلى المدرسة. لم يكن الأب يعلم أن هذا الوداع الصباحي الهادئ سيكون الفصل الأخير في حياة ابنه، وبداية مأساة ستُعرف لاحقًا بـ"جريمة المنشار".
في ذلك الصباح، خرج محمد بحقيبته الزرقاء وفي جيبه سبعون جنيهًا، أول مصروف كبير في حياته. ودّعته والدته من النافذة وهي تشعر بقلق خفيف.
في المدرسة، التقى زميله "يوسف"، وقضيا يومًا دراسيًا عاديًا انتهى باتفاقهما على الذهاب إلى منزل يوسف في منطقة المحطة الجديدة.
في طريق العودة، توقف يوسف أمام كشك صغير واشترى علبتي سجائر وعلبة كبريت، وعندما سأله محمد إن كان ينوي التدخين، قال له إنهما “سجارتين مزاج”، وضحك الصديقان كأن الأمر لا يحمل أي خطر.
دخل الاثنان إلى شقة يوسف في منطقة المحطة الجديدة، حيث كان إخوة يوسف الصغار يجلسون في الصالة يشاهدون التلفزيون، بينما اصطحب هو محمد إلى غرفته الخاصة. الجو كان عاديًا في البداية، مجرد حديث بين مراهقين عن المدرسة وعن بعض الأمور الشخصية.
داخل غرفة يوسف، تحول الحديث العادي إلى شجار مميت. بدأ الأمر بسؤال ساخر من محمد عن والدة يوسف "هو أمك فعلًا اتجوزت عمك؟"، ليرد الأخير بانفعال: "أيوة.. مش أحسن من أمك تتجوز أي حد؟".
في لحظة غضب، أمسك يوسف بشاكوش كان قريبًا منه وضرب به محمد على جانب رقبته بقوة. سقط الطفل على الأرض يتلوى من الألم، وعيناه تبحثان عن النجاة. حاول يوسف إفاقته برش الماء على وجهه والضغط على صدره، لكنه أدرك سريعًا أن صديقه يتلاشى أمامه، وأنه لفظ أنفاسه الأخيرة.
سيطرت على يوسف فكرة شيطانية استلهمها من مسلسل أمريكي شهير. قال لنفسه: "خلاص.. زي ما شفت في المسلسل". أحضر "صاروخًا كهربائيًا" وبدأ في حمام منزله بتقطيع جثة صديقه. فصل القدمين، ثم اليدين والصدر، وفي فعل يجسد انهيارًا نفسيًا كاملًا، أخذ قطعة من فخذ الضحية ووضعها في الفريزر، ليقوم بطهيها وأكلها في اليوم التالي، ليس جوعًا، بل "فضولًا" كما اعترف لاحقًا، مقلدًا مشاهد مسلسل "ديكستر".
بعد الجريمة، وضع يوسف الأشلاء في أكياس بلاستيكية، خبأ بعضها تحت سرير شقيقته "رقية"، وتخلص من الباقي في منطقة نائية خلف كارفور. لكن الرائحة الكريهة المنبعثة من تحت السرير كشفت المستور. صرخت الأخت رعبًا، ليكتشف الأب المشهد المروع ويغادر المنزل مصدومًا مع باقي أبنائه، تاركًا يوسف لمواجهة مصيره.
في تلك الأثناء، كانت رحلة بحث الأم المكلومة عن ابنها قد بدأت، لتنتهي في مشرحة المستشفى أمام ملابسه الملطخة بالدماء.
تكتمل دائرة المأساة بصوت الأب المبحوح وهو يسترجع ذكرى الوداع الأخير: "ابني رجعلي جثة متقطعة.. ده كان لسه حضني الصبح وقال لي لا إله إلا الله. ابني اتقتل على إيد صاحبه اللي كان بياكل معانا".
وتواصل النيابة العامة تحقيقاتها في القضية المقيدة بالمحضر رقم 3625 لسنة 2025 إداري مركز الإسماعيلية، حيث أمرت بحبس المتهم ووالده وصاحب محل هواتف محمولة على ذمة التحقيقات.